وَنَهَارًا، فَإِذَا أَحَسَّ بِكُمْ رَكِبَهَا حَتَّى يُشْرِفَ عَلَى مُلَيْحَةَ فَيُنَادِي: يَا آلَ ثَعْلَبَةَ، فَيَلْقَاكُمْ طَعْنٌ يُنْسِيكُمُ الْغَنِيمَةَ، وَلَمْ يُبْصِرْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَصْرَعَ صَاحِبِهِ، وَقَدْ عَصَيْتُمُونِي وَأَنَا تَابِعُكُمْ وَسَتَعْلَمُونَ.
فَأَغَارُوا عَلَى بَنِي زُبَيْدٍ، وَأَقْبَلُوا نَحْوَ بَنِي عُتَيْبَةَ وَبَنِي عُبَيْدٍ، فَأَحَسَّتِ الشَّقْرَاءُ فَرَسُ أُسَيْدٍ بِوَقْعِ الْحَوَافِرِ فَنَخَسَتْ بِحَافِرِهَا، فَرَكِبَهَا أُسَيْدٌ وَتَوَجَّهَ نَحْوَ بَنِي يَرْبُوعٍ بِمُلَيْحَةَ وَنَادَى: يَا سُوءَ صَبَاحَاهُ! يَا آلَ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ! فَمَا ارْتَفَعَ الضُّحَى حَتَّى تَلَاحَقُوا فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَتْ شَيْبَانُ بَعْدَ أَنْ قَتَلَتْ مِنْ تَمِيمٍ جَمَاعَةً مِنْ فُرْسَانِهِمْ، وَقُتِلَ مِنْ شَيْبَانَ أَيْضًا وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، فَفَدَى نَفْسَهُ وَنَجَا، فَقَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ الْحَيُّ أَسْمَعُ غُدْوَةٌ ... أُسَيْدٌ وَقَدْ جَدَّ الصُّرَاخُ الْمُصَدِّقُ
وَأَسْمَعُ فِتْيَانًا كَجِنَّةِ عَبْقَرٍ ... لَهُمْ رَيِّقٌ عِنْدَ الطِّعَانِ وَمَصْدَقُ
أَخَذْنَ بِهِمْ جَنْبَيْ أُفَاقٍ وَبَطْنَهَا ... فَمَا رَجَعُوا حَتَّى أَرَقُّوا وَأَعْتَقُوا
وَقَالَ الْعَوَّامُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ:
قَبَّحَ الْإِلَهُ عِصَابَةً مِنْ وَائِلٍ ... يَوْمَ الْأُفَاقَةِ أَسْلَمُوا بِسْطَامَا
وَرَأَى أَبُو الصَّهْبَاءِ دُونَ سَوَامِهِمْ ... طَعْنًا يُسَلِّي نَفْسَهُ وَزِحَامَا
كُنْتُمْ أُسُودًا فِي الْوَغَى فَوُجِدْتُمُ ... يَوْمَ الْأُفَاقَةِ فِي الْغَبِيطِ نَعَامَا
وَأَكْثَرَ الْعَوَّامُ الشِّعْرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ. فَلَمَّا أَلَحَّ فِيهِ أَخَذَ بِسْطَامٌ إِبِلَهُ، فَقَالَتْ أُمُّهُ:
أَرَى كُلَّ ذِي شِعْرٍ أَصَابَ بِشِعْرِهِ ... خَلَا أَنَّ عَوَّامَا بِمَا قَالَ عَيَّلَا
فَلَا يَنْطِقْنَ شِعْرًا يَكُونُ جَوَازُهُ ... كَمَا شَعْرِ عَوَّامٍ أَعَامَ وَأَرْجَلَا
[يَوْمُ الشَّقِيقَةِ وَقَتْلِ بِسْطَامِ بْنِ قَيْسٍ]