[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَة]
٦٠٨ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مَنْكِلِي عَلَى بِلَادِ الْجَبَلِ وَأَصْفَهَانَ وَغَيْرِهَا وَهَرَبِ إِيدَغْمَشَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَعْبَانَ، قَدِمَ إِيدَغْمَشُ، صَاحِبُ هَمَذَانَ وَأَصْفَهَانَ وَالرَّيِّ وَمَا بَيْنَهَا مِنِ الْبِلَادِ، إِلَى بَغْدَادَ، هَارِبًا مِنْ مَنْكِلِي.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنْ إِيدَغْمَشَ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ فِي الْبِلَادِ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ، وَانْتَشَرَ صِيتُهُ. وَكَثُرَ عَسْكَرُهُ، حَتَّى أَنَّهُ حَصَرَ صَاحِبَهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْبَهْلَوَانِ، صَاحِبَ هَذِهِ الْبِلَادِ: أَذْرَبِيجَانَ وَأَرَّانَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
فَلَمَّا كَانَ الْآنَ خَرَجَ عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ اسْمُهُ مَنْكِلِي، وَنَازَعَهُ فِي الْبِلَادِ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ. وَأَطَاعَهُ الْمَمَالِيكُ الْبَهْلَوَانِيَّةُ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَهَرَبَ مِنْهُ شَمْسُ الدِّينِ إِيدَغْمَشُ إِلَى بَغْدَادَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِالِاحْتِفَالِ لَهُ فِي اللِّقَاءِ فَخَرَجَ النَّاسُ كَافَّةً، وَكَانَ يَوْمُ وُصُولِهِ مَشْهُودًا، ثُمَّ قَدِمَتْ زَوْجَتُهُ فِي رَمَضَانَ فِي مَحْمَلٍ، فَأُكْرِمَتْ وَأُنْزِلَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا، وَأَقَامَ بِبَغْدَاذَ إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ، فَسَارَ عَنْهَا فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ نَهْبِ الْحَاجِّ بِمِنًى
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ نُهِبَ الْحَاجُّ بِمِنًى، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَاطِنِيًّا وَثَبَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْأَمِيرِ قَتَادَةَ، صَاحِبِ مَكَّةَ، فَقَتَلَهُ بِمِنًى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَتَادَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ قَتَادَةُ ذَلِكَ جَمَعَ الْأَشْرَافَ وَالْعَرَبَ وَالْعَبِيدَ وَأَهْلَ مَكَّةَ، وَقَصَدُوا الْحَاجَّ، وَنَزَلُوا عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَبَلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute