[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة]
١٣١ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ مَوْتِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ بِسَاوَةَ قُرْبَ الرَّيِّ.
وَكَانَ سَبَبُ مَسِيرِهِ إِلَيْهَا أَنَّ نَصْرًا سَارَ بَعْدَ قَتْلِ نَبَاتَةَ إِلَى خُوَارِ الرَّيِّ، وَأَمِيرُهَا أَبُو بَكْرٍ الْعَقِيلِيُّ، وَوَجَّهَ قَحْطَبَةُ ابْنَهُ الْحَسَنَ إِلَى نَصْرٍ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ وَجَّهَ أَبَا كَامِلٍ وَأَبَا الْقَاسِمِ مُحْرِزَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَأَبَا الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيَّ إِلَى الْحَسَنِ ابْنِهِ، فَلَمَّا كَانُوا قَرِيبًا مِنَ الْحَسَنِ انْحَازَ أَبُو كَامِلٍ وَتَرَكَ عَسْكَرَهُ، وَأَتَى نَصْرًا فَصَارَ مَعَهُ وَأَعْلَمَهُ مَكَانَ الْجُنْدِ الَّذِينَ فَارَقَهُمْ.
فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ نَصْرٌ جُنْدًا، فَهَرَبَ جُنْدُ قَحْطَبَةَ مِنْهُمْ وَخَلَّفُوا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِمْ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ نَصْرٍ، فَبَعَثَ نَصْرٌ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَعَرَضَ لَهُ ابْنُ غُطَيْفٍ بِالرَّيِّ، فَأَخَذَ الْكِتَابَ مِنْ رَسُولِ نَصْرٍ وَالْمَتَاعَ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَغَضِبَ نَصْرٌ وَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَدَعَنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَلَيَعْرِفَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا ابْنُهُ.
وَكَانَ ابْنُ غُطَيْفٍ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ قَدْ سَيَّرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى نَصْرٍ، فَأَقَامَ بِالرَّيِّ فَلَمْ يَأْتِ نَصْرًا، وَسَارَ نَصْرٌ حَتَّى نَزَلَ الرَّيَّ وَعَلَيْهَا حَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ النَّهْشَلِيُّ، فَلَمَّا قَدِمَهَا نَصْرٌ سَارَ ابْنُ غُطَيْفٍ مِنْهَا إِلَى هَمَذَانَ، وَفِيهَا مَالِكُ بْنُ أَدْهَمَ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيُّ، فَعَدَلَ ابْنُ غُطَيْفٍ عَنْهَا إِلَى أَصْبَهَانَ إِلَى عَامِرِ بْنِ ضُبَارَةَ، فَلَمَّا قَدِمَ نَصْرٌ الرَّيَّ أَقَامَ بِهَا يَوْمَيْنِ ثُمَّ مَرِضَ، وَكَانَ يُحْمَلُ حَمْلًا، فَلَمَّا بَلَغَ سَاوَةَ مَاتَ، فَلَمَّا مَاتَ بِهَا دَخَلَ أَصْحَابُهُ هَمَذَانَ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لِمُضِيِّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ عُمْرُهُ خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّ نَصْرًا لَمَّا سَارَ مِنْ خُوَارِ الرَّيِّ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الرَّيِّ لَمْ يَدْخُلِ الرَّيَّ، وَلَكِنَّهُ سَلَكَ الْمَفَازَةَ الَّتِي بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ فَمَاتَ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute