للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: وَكَانَ فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمًا، فَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى صَدَقَاتِ مُرَادٍ، وَمَنْ نَازَلَهُمْ وَنَزَلَ دَارَهُمْ.

وَكَانَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الزُّبَيْدِيُّ قَدْ فَارَقَ قَوْمَهُ سَعْدَ الْعَشِيرَةِ، وَانْحَازَ إِلَيْهِمْ وَأَسْلَمَ مَعَهُمْ، فَلَمَّا ارْتَدَّ الْعَنْسِيُّ وَمَعَهُ مَذْحِجٌ ارْتَدَّ عَمْرٌو فِيمَنِ ارْتَدَّ، وَكَانَ عَمْرٌو مَعَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَلَمَّا ارْتَدَّ سَارَ إِلَيْهِ خَالِدٌ فَلَقِيَهُ، فَضَرَبَهُ خَالِدٌ عَلَى عَاتِقِهِ فَهَرَبَ مِنْهُ، وَأَخَذَ خَالِدٌ سَيْفَهُ الصَّمْصَامَةَ وَفَرَسَهُ، فَلَمَّا ارْتَدَّ عَمْرٌو جَعَلَهُ الْعَنْسِيُّ بِإِزَاءِ فَرْوَةَ، فَامْتَنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْبَرَاحِ لِمَكَانِ صَاحِبِهِ. فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ قَدِمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ أَبْيَنَ مِنْ مَهْرَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قِتَالِ مَهْرَةَ، وَمَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ مَهْرَةَ وَغَيْرِهِمْ، فَاسْتَبْرَى النَّخْعَ وَحِمْيَرَ، وَقَدِمَ أَيْضًا الْمُهَاجِرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فِي جَمْعٍ مِنْ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَبَجِيلَةَ مَعَ جَرِيرٍ إِلَى نَجْرَانَ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيُّ، فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ مُسْتَجِيبًا، حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمُهَاجِرِ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ، فَأَوْثَقَهُ الْمُهَاجِرُ، وَأَخَذَ قَيْسًا أَيْضًا فَأَوْثَقَهُ، وَسَيَّرَهُمَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا قَيْسُ، قَتَلْتَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاتَّخَذْتَ الْمُرْتَدِّينَ وَلِيَجِةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ! فَانْتَفَى قَيْسٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَارَفَ مِنْ أَمْرِ دَاذَوَيْهِ شَيْئًا، وَكَانَ قَتَلَهُ سِرًّا، فَتَجَافَى لَهُ عَنْ دَمِهِ، وَقَالَ لِعَمْرٍو: أَمَا تَسْتَحِي أَنَّكَ كُلَّ يَوْمٍ مَهْزُومٌ أَوْ مَأْسُورٌ؟ لَوْ نَصَرْتَ هَذَا الدِّينَ لَرَفَعَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: لَا جَرَمَ، لَأُقْبِلَّنَ وَلَا أَعُودُ. وَرَجَعَا إِلَى عَشَائِرِهِمَا. فَسَارَ الْمُهَاجِرُ مِنْ نَجْرَانَ وَالْتَقَتِ الْخُيُولُ عَلَى أَصْحَابِ الْعَنْسِيِّ، فَاسْتَأْمَنُوا فَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ، وَقَتَلَهُمْ بِكُلِّ سَبِيلٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى صَنْعَاءَ فَدَخَلَهَا، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ.

[ذِكْرُ رِدَّةِ حَضْرَمَوْتَ وَكِنْدَةَ]

لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَّالُهُ عَلَى بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ: زِيَادُ بْنُ أَبِي لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى حَضْرَمَوْتَ، وَعَكَّاشَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَلَى السَّكَاسِكِ وَالسَّكُونِ «وَالْمُهَاجِرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَلَى كِنْدَةَ، اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهَا حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى قِتَالِ مَنْ بِالْيَمَنِ، ثُمَّ الْمَسِيرُ بَعْدُ إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبُوكَ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَاتِبٌ عَلَيْهِ، فَبَيْنَمَا أُمُّ سَلَمَةَ تَغْسِلُ رَأْسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: كَيْفَ يَنْفَعُنِي عَيْشٌ وَأَنْتَ عَاتِبٌ عَلَى أَخِي؟ فَرَأَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>