للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: أَمَّا بَعْدُ فَمِثْلُكَ نَصَحَ الْإِمَامَ وَالْأُمَّةَ، وَوَالَى عَلَى الْحَقِّ، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِكَ فِيمَا كَتَبْتَ إِلَيَّ، وَلَمْ أُعْلِمْهُ بِكِتَابِكَ، فَلَا تَدَعْ إِعْلَامِي بِمَا يَكُونُ بِحَضْرَتِكَ مِمَّا النَّظَرُ فِيهِ صَلَاحٌ لِلْأُمَّةِ، فَإِنَّكَ بِذَلِكَ جَدِيرٌ، وَهُوَ حُقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْكَ، وَالسَّلَامُ.

وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي بَلَغَكَ بَاطِلٌ، وَإِنِّي لِمَا تَحْتَ يَدَيَّ لَضَابِطٌ وَلَهُ حَافِظٌ، فَلَا تُصَدِّقِ الظُّنُونَ وَالسَّلَامُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَعْلِمْنِي مَا أَخَذْتَ مِنَ الْجِزْيَةِ، وَمِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ، وَفِيمَا وَضَعْتَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ فَهِمْتُ تَعْظِيمَكَ مَرْزَأَةَ مَا بَلَغَكَ، (إِنِّي رَزَأْتُهُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبِلَادِ) ، فَابْعَثْ إِلَى عَمَلِكَ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنِّي ظَاعِنٌ عَنْهُ، وَالسَّلَامُ.

وَاسْتَدْعَى أَخْوَالَهُ مِنْ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، فَاجْتَمَعَتْ مَعَهُ (قَيْسٌ كُلُّهَا) فَحَمَلَ مَالًا وَقَالَ: هَذِهِ أَرْزَاقُنَا (اجْتَمَعَتْ، فَتَبِعَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ) فَلَحِقُوهُ بِالطَّفِّ يُرِيدُونَ أَخْذَ الْمَالِ، فَقَالَتْ قَيْسٌ: وَاللَّهِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ وَفِينَا عَيْنٌ تَطْرِفُ! فَقَالَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ الْحُدَّانِيُّ: يَا مَعْشَرَ الْأَزْدِ، إِنَّ قَيْسًا إِخْوَانُنَا وَجِيرَانُنَا وَأَعْوَانُنَا عَلَى الْعَدُوِّ، وَإِنَّ الَّذِي يُصِيبُكُمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَقَلِيلٌ، وَهُمْ لَكُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ. فَأَطَاعُوهُ فَانْصَرَفُوا (وَانْصَرَفَتْ مَعَهُمْ بَكْرٌ وَعَبْدُ الْقَيْسِ) وَقَاتَلَهُمْ بَنُو تَمِيمٍ، (فَنَهَاهُمُ الْأَحْنَفُ، فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ، فَاعْتَزَلَهُمْ) وَحَجَزَ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَمَضَى ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مَكَّةَ.

[ذكر مَقْتَلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ]

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ عَلِيٌّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ، وَقِيلَ: لِإِحْدَى

<<  <  ج: ص:  >  >>