[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَة]
٥١٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ بِالْعِرَاقِ وَوِلَايَةِ الْبُرْسُقِيِّ شَحْنَكِيَّةَ بَغْدَاذَ
لَمَّا تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مَحْمُودٌ، وَدَبَّرَ دَوْلَتَهُ الْوَزِيرُ الرَّبِيبُ أَبُو مَنْصُورٍ، أَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ يَطْلُبُ أَنْ يُخْطَبَ لَهُ بِبَغْدَاذَ، فَخُطِبَ لَهُ فِي الْجُمُعَةِ ثَالِثَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَكَانَ شِحْنَةُ بَغْدَاذَ بَهْرُوزَ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَمِيرَ دُبَيْسَ بْنَ صَدَقَةَ كَانَ عِنْدَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، مُذْ قُتِلَ وَالِدُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعًا كَثِيرًا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدٌ خَاطَبَ السُّلْطَانَ مَحْمُودًا فِي الْعَوْدِ إِلَى بَلَدِهِ الْحِلَّةِ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَعَادَ إِلَيْهَا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْأَكْرَادِ، وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ آقْسُنْقُرُ الْبُرْسُقِيُّ مُقِيمًا بِالرَّحْبَةِ، وَهِيَ إِقْطَاعُهُ، وَلَيْسَ بِيَدِهِ مِنَ الْوِلَايَاتِ شَيْءٌ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا ابْنَهُ عِزَّ الدِّينِ مَسْعُودًا، وَسَارَ إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، قَبْلَ مَوْتِهِ، عَازِمًا عَلَى مُخَاطَبَتِهِ فِي زِيَادَةِ إِقْطَاعِهِ، فَبَلَغَهُ وَفَاةُ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَسَمِعَ مُجَاهِدُ الدِّينِ بَهْرُوزُ بِقُرْبِهِ مِنْ بَغْدَاذَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِهَا، فَسَارَ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، فَلَقِيَهُ تَوْقِيعُ السُّلْطَانِ بِوِلَايَةِ شِحْنَكِيَّةَ بَغْدَاذَ، وَهُوَ بِحُلْوَانَ، وَعُزِلَ بَهْرُوزَ.
وَكَانَ الْأُمَرَاءُ عِنْدَ السُّلْطَانِ يُرِيدُونَ الْبُرْسُقِيَّ، وَيَتَعَصَّبُونَ لَهُ، وَيَكْرَهُونَ مُجَاهِدَ الدِّينِ بَهْرُوزَ، وَيَحْسُدُونَهُ لِلْقُرْبِ الَّذِي كَانَ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ وَخَافُوا أَنْ يَزْدَادَ تَقَدُّمًا عِنْدَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ وَحُكْمًا. فَلَمَّا وَلِيَ الْبُرْسُقِيُّ شِحْنَكِيَّةَ بَغْدَاذَ هَرَبَ بَهْرُوزَ إِلَى تِكْرِيتَ، وَكَانَتْ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute