لَوْ بِأَبَانَيْنِ جَاءَ يَخْطُبُهَا ... ضُرَّجَ مَا أَنْفُ خَاطِبٍ بِدَمٍ
الْأَرَاقِمُ بَطْنٌ مِنْ جُشَمَ بْنِ تَغْلِبَ، يَعْنِي حَيْثُ فَقَدَتِ الْأَرَاقِمَ، وَهُمْ عَشِيرَتُهَا، تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ جَنْبٍ بِأُدُمٍ.
ثُمَّ إِنَّ مُهَلْهِلًا عَادَ إِلَى دِيَارِ قَوْمِهِ، فَأَخَذَهُ عَمْرُو بْنُ مَالِكِ بْنِ ضُبَيْعَةَ الْبَكْرِيُّ أَسِيرًا بِنَوَاحِي هَجَرَ فَأَحْسَنَ إِسَارَهُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ تَاجِرٌ يَبِيعُ الْخَمْرَ قَدِمَ بِهَا مِنْ هَجَرَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِمُهَلْهِلٍ، فَأَهْدَى إِلَيْهِ وَهُوَ أَسِيرٌ زِقًّا مِنْ خَمْرٍ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَنُو مَالِكٍ فَنَحَرُوا عِنْدَهُ بِكْرًا وَشَرِبُوا عِنْدَ مُهَلْهِلٍ فِي بَيْتِهِ الَّذِي أَفْرَدَ لَهُ عَمْرٌو. فَلَمَّا أَخَذَ فِيهِمُ الشَّرَابُ تَغَنَّى مُهَلْهِلٌ بِمَا كَانَ يَقُولُهُ مِنَ الشِّعْرِ وَيَنُوحُ بِهِ عَلَى أَخِيهِ كُلَيْبٍ، فَسَمِعَ مِنْهُ عَمْرٌو ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ لَرَيَّانٌ، وَاللَّهِ لَا يَشْرَبُ عِنْدِي مَاءً حَتَّى يَرِدَ زَبِيبٌ، وَهُوَ فَحْلٌ كَانَ لَهُ لَا يَرِدُ إِلَّا خَمْسًا فِي حَمَارَةِ الْقَيْظِ، فَطَلَبَ بَنُو مَالِكٍ زَبِيبًا وَهُمْ حُرَّاصٌ عَلَى أَنْ يَهْلِكَ مُهَلْهِلٌ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ مُهَلْهِلٌ عَطَشًا.
وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَةَ خَالِ الْمُهَلْهِلِ، وَهِيَ ابْنَةُ الْمُجَلَّلِ التَغْلِبِيِّ، كَانَتِ امْرَأَةَ عَمْرٍو، وَأَرَادَتْ أَنْ تَأْتِيَ مُهَلْهِلًا وَهُوَ أَسِيرٌ، فَقَالَ يَذْكُرُهَا:
طِفْلَةٌ مَا ابْنَةُ الْمُجَلَّلِ بَيْضَا ... ءُ لَعُوبٌ لَذِيذَةٌ فِي الْعِنَاقِ
فَاذْهَبِي مَا إِلَيْكِ غَيْرَ بَعِيدٍ لَا ... يُؤَاتِي الْعِنَاقَ مَنْ فِي الْوَثَاقِ
ضَرَبَتْ نَحْرَهَا إِلَيَّ وَقَالَتْ ... يَا عَدِيٌّ لَقَدْ وَقَتْكَ الْأَوَاقِي
وَهِيَ أَبْيَاتٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ، فَنُقِلَ شِعْرُهُ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، فَحَلَفَ عَمْرٌو أَنْ لَا يَسْقِيَهُ الْمَاءَ حَتَّى يَرِدَ زَبِيبٌ، فَسَأَلَهُ النَّاسُ أَنْ يُورِدَ زَبِيبًا قَبْلَ وُرُودِهِ، فَفَعَلَ وَأَوْرَدَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ سَقَى مُهَلْهِلًا مِنْ مَاءٍ هُنَاكَ هُوَ أَوْخَمُ الْمِيَاهِ، فَمَاتَ مُهَلْهِلٌ.
(عُبَادٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِهَا) .
[ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْحَارِثِ الْأَعْرَجِ وَبَنِي تَغْلِبَ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute