للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٢٠ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ مَسِيرِ مُؤْنِسٍ إِلَى الْمَوْصِلِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، سَارَ مُؤْنِسٌ الْمُظَفَّرُ إِلَى الْمَوْصِلِ مُغَاضِبًا لِلْمُقْتَدِرِ.

وَسَبَبُ مَسِيرِهِ أَنَّهُ لَمَّا صَحَّ عِنْدَهُ إِرْسَالُ الْوَزِيرِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَاسِمِ إِلَى هَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ يَسْتَحْضِرُهُمَا، زَادَ اسْتِيحَاشُهُ، ثُمَّ سَمِعَ بِأَنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ جَمَعَ الرِّجَالَ وَالْغِلْمَانَ الْحُجَرِيَّةَ فِي دَارِ الْخَلِيفَةِ، وَقَدِ اتَّفَقَ فِيهِمْ وَإِنَّ هَارُونَ بْنَ غَرِيبٍ قَدْ قَرُبَ مِنْ بَغْدَاذَ، فَأَظْهَرَ الْغَضَبَ، وَسَارَ نَحْوَ الْمَوْصِلِ وَوَجَّهَ خَادِمَهُ بُشْرَى بِرِسَالَةٍ إِلَى الْمُقْتَدِرِ، فَسَأَلَهُ الْحُسَيْنُ عَنِ الرِّسَالَةِ، فَقَالَ: لَا أَذْكُرُهَا إِلَّا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ الْمُقْتَدِرُ يَأْمُرُهُ بِذِكْرِ مَا مَعَهُ مِنَ الرِّسَالَةِ لِلْوَزِيرِ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: مَا أَمَرَنِي صَاحِبِي بِهَذَا، فَسَبَّهُ الْوَزِيرُ، وَشَتَمَ صَاحِبَهُ، وَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، وَصَادَرَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخَذَ خَطَّهُ بِهَا، وَحَبَسَهُ وَنَهَبَ دَارَهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ مُؤْنِسًا مَا جَرَى عَلَى خَادِمِهِ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَنْ يُطَيِّبَ الْمُقْتَدِرُ قَلْبَهُ، وَيُعِيدَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ سَارَ نَحْوَ (الْمَوْصِلِ وَمَعَهُ جَمِيعُ قُوَّادِهِ، فَكَتَبَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْقُوَّادِ وَالْغِلْمَانِ يَأْمُرُهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَعَادَ جَمَاعَةٌ، وَسَارَ مُؤْنِسٌ نَحْوَ) الْمَوْصِلِ فِي أَصْحَابِهِ وَمَمَالِيكِهِ، وَمَعَهُ مِنَ السَّاجِيَّةِ ثَمَانِيمِائَةِ رَجُلٍ وَتَقَدَّمَ الْوَزِيرُ بِقَبْضِ أَقَطَاعِ مُؤْنِسٍ وَأَمْلَاكِهِ وَأَمْلَاكِ مَنْ مَعَهُ، فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ مَالٌ عَظِيمٌ، وَزَادَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ الْوَزِيرِ عِنْدَ الْمُقْتَدِرِ، فَلَقَّبَهُ " عَمِيدَ الدَّوْلَةِ "، وَضَرَبَ اسْمَهُ عَلَى الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْوِزَارَةِ، وَوَلَّى وَعَزَلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>