[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
٥١٤ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ ذِكْرُ عِصْيَانِ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ عَلَى أَخِيهِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ وَالْحَرْبِ بَيْنَهُمَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، كَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ وَأَخِيهِ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ، وَمَسْعُودٌ حِينَئِذٍ لَهُ الْمَوْصِلُ وَأَذْرَبِيجَانُ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ دُبَيْسَ بْنَ صَدَقَةَ كَانَ يُكَاتِبُ جُيُوشْ بِكْ أَتَابِكَ مَسْعُودٍ، يَحُثُّهُ عَلَى طَلَبِ السَّلْطَنَةِ لِلْمَلِكِ مَسْعُودٍ، وَيَعِدُهُ الْمُسَاعَدَةَ، وَكَانَ غَرَضُهُ أَنْ يَخْتَلِفُوا فَيَنَالَ مِنَ الْجَاهِ وَعُلُوِّ الْمُنَزَّلَةِ مَا نَالَهُ أَبُوهُ بِاخْتِلَافِ السُّلْطَانَيْنِ بُرْكِيارُقَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ مُلْكِشَاهْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَكَانَ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ الْبُرْسُقِيُّ، أَتَابِكُ الْمَلِكِ مَسْعُودٍ، قَدْ فَارَقَ شِحْنَكِيَّةَ بَغْدَاذَ، وَقَدْ أَقْطَعَهُ مَسْعُودٌ مَرَاغَةَ، مُضَافَةً إِلَى الرَّحْبَةِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ دُبَيْسٍ عَدَاوَةٌ مَحْكَمَةٌ، فَكَاتَبَ دُبَيْسٌ جُيُوشْ بِكْ يُشِيرُ عَلَيْهِ بِقَبْضِ الْبُرْسُقِيِّ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى الْمَيْلِ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، وَبَذَلَ لَهُ مَالًا كَثِيرًا عَلَى قَبْضِهِ، فَعَلِمَ الْبُرْسُقِيُّ ذَلِكَ، فَفَارَقَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْلَى مَحِلَّهُ وَزَادَ فِي تَقْدِيمِهِ.
وَاتَّصَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ الطُّغْرَائِيُّ بِالْمَلِكِ مَسْعُودٍ، فَكَانَ وَلَدُهُ أَبُو الْمُؤَيِّدِ، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، يَكْتُبُ الطُّغْرَاءَ مَعَ الْمَلِكِ، فَلَمَّا وَصَلَ وَالِدُهُ اسْتَوْزَرَهُ مَسْعُودٌ، بَعْدَ أَنْ عَزَلَ أَبَا عَلِيِّ بْنَ عَمَّارٍ، صَاحِبَ طَرَابُلُسَ، سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَابِ خُوَيٍّ، فَحَسَّنَ مَا كَانَ دُبَيْسٌ يُكَاتِبُ بِهِ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ وَالْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute