[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٤٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ مَقْتَلِ الْمُتَوَكِّلِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ الْمُتَوَكِّلُ، وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِإِنْشَاءِ الْكُتُبِ بِقَبْضِ ضِيَاعِ وَصَيْفٍ بِأَصْبَهَانَ وَالْجَبَلِ، وَإِقْطَاعَهَا الْفَتْحَ بْنَ خَاقَانَ، فَكُتِبَتْ، وَصَارَتْ إِلَى الْخَاتَمِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ وَصَيْفًا، وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ أَوَّلَ جُمْعَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَشَاعَ فِي النَّاسِ، وَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ، وَخَرَجَ بَنُو هَاشِمٍ مِنْ بَغْدَادَ لِرَفْعِ الْقَصَصِ وَكَلَامِهِ إِذَا رَكِبَ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ، وَأَرَادَ الرُّكُوبَ لِلصَّلَاةِ، قَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، وَالْفَتْحُ بْنُ خَاقَانَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَثَرُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ وَمِنْ غَيْرِهِمْ، فَبَعْضٌ مُتَظَلِّمٌ، وَبَعْضٌ طَالِبُ حَاجَةٍ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَشْكُو ضِيقَ الصَّدْرِ، وَعِلَّةً بِهِ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْمُرَ بَعْضَ وُلَاةِ الْعُهُودِ بِالصَّلَاةِ، وَنَكُونَ مَعَهُ، فَلْيَفْعَلْ.
فَأَمَرَ الْمُنْتَصِرَ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا نَهَضَ لِلرُّكُوبِ قَالَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْمُرَ الْمُعْتَزَّ بِالصَّلَاةِ، فَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتُشَرِّفَهُ بِذَلِكَ، وَقَدْ بَلَغَ اللَّهُ بِهِ، وَكَانَ قَدْ وُلِدَ لِلْمُعْتَزِّ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَدٌ، فَأَمَرَ الْمُعْتَزَ، فَرَكِبَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَأَقَامَ الْمُنْتَصِرُ فِي دَارِهِ بِالْجَعْفَرِيَّةِ، فَزَادَ ذَلِكَ فِي إِغْرَائِهِ.
فَلَمَّا فَرَغَ الْمُعْتَزُّ مِنْ خُطْبَتِهِ قَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ بْنُ خَاقَانَ، فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ انْصَرَفَ وَمَعَهُ النَّاسُ فِي مَوْكِبِ الْخِلَافَةِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ عِنْدَهُ، فَسَّرَهُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute