للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ]

٢٤٤ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ الْمُتَوَكِّلُ مَدِينَةَ دِمَشْقَ فِي صَفَرَ، وَعَزَمَ عَلَى الْمَقَامِ بِهَا، وَنَقَلَ دَوَاوِينَ الْمُلْكِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ بِهَا، ثُمَّ اسْتَوْبَأَ الْبَلَدَ، وَذَلِكَ بِأَنَّ هَوَاءَهُ بَارِدٌ نَدِيٌّ، وَالْمَاءُ ثَقِيلٌ، وَالرِّيحُ تَهُبُّ فِيهَا مَعَ الْعَصْرِ فَلَا تَزَالُ تَشْتَدُّ حَتَّى يَمْضِيَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْبَرَاغِيثِ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ، وَحَالَ الثَّلْجُ بَيْنَ السَّابِلَةِ وَالْمِيرَةِ، فَرَجَعَ إِلَى سَامَرَّا.

وَكَانَ مُقَامُهُ بِدِمَشْقَ شَهْرَيْنِ وَأَيَّامًا، فَلَمَّا كَانَ بِهَا وَجَّهَ بُغَا الْكَبِيرَ لِغَزْوِ الرُّومِ، فَغَزَا الصَّائِفَةَ فَافْتَتَحَ صِمْلَةَ.

وَفِيهَا عَقَدَ الْمُتَوَكِّلُ لِأَبِي السَّاجِ عَلَى طَرِيقِ مَكَّةَ مَكَانَ جَعْفَرِ بْنِ دِينَارٍ.

وَقِيلَ: عَقَدَ لَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَفِيهَا أُتِيَ الْمُتَوَكِّلُ بِحَرْبَةٍ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُسَمَّى الْعَنَزَةَ، فَكَانَتْ لِلنَّجَاشِيِّ، فَأَهْدَاهَا لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَأَهْدَاهَا الزُّبَيْرُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُرَكَّزُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْعِيدَيْنِ، فَكَانَ يَحْمِلُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ.

وَفِيهَا غَضِبَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى بَخْتِيشُوعَ الطَّبِيبِ، وَقَبَضَ مَالَهُ، وَنَفَاهُ إِلَى الْبَحْرِينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>