[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٨٩ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ أَخْبَارِ الْقَرَامِطَةِ بِالشَّامِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ بِالشَّامِ رَجُلٌ مِنَ الْقَرَامِطَةِ، وَجَمَعَ جُمُوعًا مِنَ الْأَعْرَابِ، وَأَتَى دِمَشْقَ، وَأَمِيرُهَا طُغَجُ بْنُ جُفٍّ مِنْ قِبَلِ هَارُونَ بْنِ خُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا وَقَعَاتٌ.
وَكَانَ ابْتِدَاءُ حَالِ هَذَا الْقَرْمَطِيِّ أَنَّ زِكْرَوَيْهِ بْنَ مَهْرَوَيْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ دَاعِيَةُ قَرْمَطَ هَذَا، لَمَّا رَأَى أَنَّ الْجُيُوشَ مِنَ الْمُعْتَضِدِ مُتَتَابِعَةٌ إِلَى مَنْ بِسَوَادِ الْكُوفَةِ مِنَ الْقَرَامِطَةِ، فَإِنَّ الْقَتْلَ قَدْ أَبَادَهُمْ، سَعَى فِي اسْتِغْوَاءِ مَنْ قَرُبَ مِنَ الْكُوفَةِ مِنَ الْأَعْرَابِ: (أَسَدٍ، وَطَيٍّ، وَغَيْرِهِمْ) ، فَلَمْ يُجِبْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَأَرْسَلَ أَوْلَادَهُ إِلَى كَلْبِ بْنِ وَبَرَةَ فَاسْتَغْوَوْهُمْ، فَلَمْ (يُجِبْهُمْ مِنْهُمْ) إِلَّا الْفَخِدُ الْمَعْرُوفُ بِبَنِي الْعُلَيْصِ بْنِ ضَمْضَمِ بْنِ عُدَيِّ بْنِ خَبَّابٍ وَمَوَالِيهِمْ خَاصَّةً، فَبَايَعُوا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ بِنَاحِيَةِ السَّمَاوَةِ ابْنَ زِكْرَوَيْهِ، الْمُسَمَّى بِيَحْيَى، الْمُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ، فَلَقَّبُوهُ الشَّيْخَ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَلَدٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ بِالْبِلَادِ مِائَةَ أَلْفِ تَابِعٍ، وَأَنَّ نَاقَتَهُ الَّتِي يَرْكَبُهَا مَأْمُورَةٌ، فَإِذَا تَتَبَّعُوهَا فِي مَسِيرِهَا نُصِرُوا، وَأَظْهَرَ عَضُدًا لَهُ (نَاقِصَةً وَذَكَرَ أَنَّهَا آيَتُهُ) ، وَأَتَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي الْأَصْبَغِ، وَسُمُّوا الْفَاطِمِيِّينَ، وَدَانُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute