بِدِينِهِ، فَقَصَدَهُمْ شِبْلٌ غُلَامُ الْمُعْتَضِدِ مِنْ نَاحِيَةِ الرُّصَافَةِ (فَاغْتَرُّوهُ فَقَتَلُوهُ، وَأَحْرَقُوا مَسْجِدَ الرُّصَافَةِ) ، وَاعْتَرَضُوا كُلَّ قَرْيَةٍ اجْتَازُوا بِهَا، حَتَّى بَلَغُوا وِلَايَةَ هَارُونَ بْنِ خُمَارَوَيْهِ الَّتِي قُوطِعَ عَلَيْهَا طُغَجُ بْنُ جُفٍّ، فَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ بِهَا وَالْإِغَارَةَ، فَقَاتَلَهُمْ طُغَجُ، فَهَزَمُوهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
ذِكْرُ أَخْبَارِ الْقَرَامِطَةِ بِالْعِرَاقِ
وَفِيهَا انْتَشَرَ الْقَرَامِطَةُ بِسَوَادِ الْكُوفَةِ، فَوَجَّهَ الْمُعْتَضِدُ إِلَيْهِمْ شِبْلًا غُلَامَ أَحْمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيِّ، وَظَفِرَ بِهِمْ، وَأَخَذَ رَئِيسًا لَهُمْ يُعْرَفُ بِأَبِي الْفَوَارِسِ فَسَيَّرَهُ إِلَى الْمُعْتَضِدِ، فَأَحْضَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي، هَلْ تَزْعُمُونَ أَنَّ رُوحَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْوَاحَ أَنْبِيَائِهِ تَحِلُّ فِي أَجْسَادِكُمْ فَتَعْصِمُكُمْ مِنَ الزَّلَلِ، وَتُوَفِّقُكُمْ لِصَالِحِ الْعَمَلِ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا إِنْ حَلَّتْ رُوحُ (اللَّهِ فِينَا فَمَا يَضُرُّكَ؟ وَإِنْ حَلَّتْ رُوحُ) إِبْلِيسَ فَمَا يَنْفَعُكَ؟ فَلَا تَسْأَلْ عَمَّا لَا يَعْنِيكَ وَسَلْ عَمَّا يَخُصُّكَ.
فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَا يَخُصُّنِي؟ قَالَ: أَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُوكُمُ الْعَبَّاسُ حَيٌّ، فَهَلْ طَالَبَ بِالْخِلَافَةِ، أَمْ هَلْ بَايَعَهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَخْلَفَ عُمَرَ، وَهُوَ يَرَى مَوْضِعَ الْعَبَّاسِ، وَلَمْ يُوصِ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ عُمَرُ وَجَعَلَهَا شُورَى فِي سِتَّةِ أَنْفُسٍ، وَلَمْ يُوصِ إِلَيْهِ، وَلَا أَدْخَلَهُ فِيهِمْ، فَبِمَاذَا تَسْتَحِقُّونَ أَنْتُمُ الْخِلَافَةَ؟ وَقَدِ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى دَفْعِ جَدِّكَ عَنْهَا.
فَأَمَرَ بِهِ الْمُعْتَضِدُ فَعُذِّبَ، وَخُلِعَتْ عِظَامُهُ، ثُمَّ قُطِّعَتْ يَدَاهُ، وَرِجْلَاهُ، ثُمَّ قُتِلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute