[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ]
١٠٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ مَقْتَلِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ
ثُمَّ إِنَّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ سَارَ عَنْ وَاسِطَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا ابْنَهُ مُعَاوِيَةَ وَجَعَلَ عِنْدَهُ بَيْتَ الْمَالِ وَالْأُسَرَاءِ، وَسَارَ عَلَى فَمِ النِّيلِ حَتَّى نَزَلَ الْعَقْرَ، وَقَدَّمَ أَخَاهُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْمُهَلَّبِ نَحْوَ الْكُوفَةِ، فَاسْتَقْبَلَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بُسُورًا، فَاقْتَتَلُوا، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَمْلَةً كَشَفُوهُمْ فِيهَا، وَمَعَهُمْ نَاسٌ مِنْ تَمِيمٍ وَقَيْسٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَنَادَوْا: يَا أَهْلَ الشَّامِ! اللَّهَ اللَّهَ أَنْ تُسْلِمُونَا! وَقَدِ اضْطَرَّهُمْ أَصْحَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى النَّهْرِ. فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ، إِنَّ لَنَا جَوْلَةً فِي أَوَّلِ الْقِتَالِ، ثُمَّ كَرُّوا عَلَيْهِمْ فَانْكَشَفَ أَصْحَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَانْهَزَمُوا وَعَادُوا إِلَى يَزِيدَ.
وَأَقْبَلَ مَسْلَمَةُ يَسِيرُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ إِلَى الْأَنْبَارِ، وَعَقَدَ عَلَيْهَا الْجِسْرَ، فَعَبَرَ وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى ابْنِ الْمُهَلَّبِ، وَأَتَى إِلَى ابْنِ الْمُهَلَّبِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَثِيرٌ، وَمِنَ الثُّغُورِ، فَبَعَثَ عَلَى مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَرُبُعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُفْيَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُغَفَّلِ الْأَزْدِيَّ، وَعَلَى رُبُعِ مَذْحِجٍ وَأَسَدٍ النُّعْمَانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَعَلَى كِنْدَةَ وَرَبِيعَةَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ الْأَشْعَثِ، وَعَلَى تَمِيمٍ وَهَمْدَانَ حَنْظَلَةَ بْنَ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ التَّمِيمِيَّ، وَجَمَعَهُمْ جَمِيعًا [مَعَ] الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَأَحْصَى دِيوَانَ ابْنِ الْمُهَلَّبِ مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِهِمْ مَنْ بِخُرَاسَانَ مِنْ قَوْمِي، ثُمَّ قَامَ فِي أَصْحَابِهِ فَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ.
وَكَانَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ عَسْكَرَ بِالنُّخَيْلَةِ، وَشَقَّ الْمِيَاهَ، وَجَعَلَ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ الْأَرْصَادَ لِئَلَّا يَخْرُجُوا إِلَى ابْنِ الْمُهَلَّبِ، وَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى مَسْلَمَةَ مَعَ سَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ، وَبَعَثَ مَسْلَمَةُ فَعَزَلَ عَبْدَ الْحَمِيدِ عَنِ الْكُوفَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَهُوَ ذُو الشَّامَةِ.
فَجَمَعَ يَزِيدُ رُءُوسَ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَجْمَعَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَأَبْعَثُهُمْ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute