[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
٤٩٣ -
ذِكْرُ إِعَادَةِ خُطْبَةِ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُعِيدَتِ الْخُطْبَةُ لِلسُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ بِبَغْدَاذَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَرْكِيَارُقَ سَارَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي مِنَ الرَّيِّ إِلَى خُوزِسْتَانَ، فَدَخَلَهَا وَجَمِيعُ مَنْ مَعَهُ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ وَكَانَ أَمِيرُ عَسْكَرِهِ حِينَئِذٍ يَنَّالُ بْنُ أَنُوشْتِكِينَ الْحُسَامِيُّ، وَأَتَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَسَارَ إِلَى وَاسِطَ، فَظَلَمَ عَسْكَرُهُ النَّاسَ، وَنَهَبُوا الْبِلَادَ، وَاتَّصَلَ بِهِ الْأَمِيرُ صَدَقَةُ بْنُ مَزِيدٍ، صَاحِبُ الْحِلَّةِ، وَوَثَبَ عَلَى السُّلْطَانِ قَوْمٌ لِيَقْتُلُوهُ، فَأُخِذُوا وَأُحْضِرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاعْتَرَفُوا أَنَّ الْأَمِيرَ سُرْمُزَ، شِحْنَةَ أَصْبَهَانَ، وَضَعَهُمْ عَلَى قَتْلِهِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمْ وَحُبِسَ الْبَاقُونَ، وَسَارَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، وَخُطِبَ لَهُ بِبَغْدَاذَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُنْتَصَفَ صَفَرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ بِيَوْمَيْنِ.
وَكَانَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُوهْرَائِينُ بِالشَّفِيعِيِّ، وَهُوَ فِي طَاعَةِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَسَارَ إِلَى دَايِ مَرْجٍ، وَمَعَهُ إِيلْغَازِي بْنُ أُرْتُقَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْمُؤَيَّدِ، وَالسُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ يَسْتَحِثُّهُمَا عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَا إِلَيْهِ كَرْبُوقَا، صَاحِبَ الْمَوْصِلِ، وَجَكَرْمَشَ، صَاحِبَ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فَأَمَّا جَكَرْمِشُ فَاسْتَأْذَنَ كُوهْرَائِينَ فِي الْعَوْدِ إِلَى بَلَدِهِ، وَقَالَ إِنَّهُ قَدِ اخْتَلَّتِ الْأَحْوَالُ، فَأَذِنَ لَهُ، وَبَقِيَ مَعَ كُوهْرَائِينَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَصْدُرُوا عَنْ رَأْيٍ وَاحِدٍ لَا يَخْتَلِفُونَ، ثُمَّ اتَّفَقَتْ آرَاؤُهُمْ عَلَى أَنْ كَتَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ يَقُولُونَ لَهُ: اخْرُجْ إِلَيْنَا، فَمَا فِينَا مَنْ يُقَاتِلُكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute