وَكَانَ الَّذِي أَشَارَ بِذَا كَرْبُوقَا، وَقَالَ لِكُوهْرَائِينَ: إِنَّنَا لَمْ نَظْفَرْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَمُؤَيَّدٍ، بِطَائِلٍ، وَكَانَ مُنْحَرِفًا عَنْ مُؤَيَّدٍ،. فَسَارَ بَرْكِيَارُقُ إِلَيْهِمْ، فَتَرَجَّلُوا، وَقَبَّلُوا الْأَرْضَ، وَعَادُوا مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَأَعَادَ إِلَى كُوهْرَائِينَ جَمِيعَ مَا كَانَ أَخَذَ لَهُ مِنْ سِلَاحٍ وَدَوَابَّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاسْتَوْزَرَ بَرْكِيَارُقُ بِبَغْدَاذَ الْأَعَزَّ أَبَا الْمَحَاسِنِ عَبْدَ الْجَلِيلِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الدِّهِسْتَانِيَّ، وَقَبَضَ عَلَى عَمِيدِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ أَبُو بَكْرٍ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ، وَطَالَبَهُ بِالْحَاصِلِ مِنْ دِيَارِ بَكْرٍ وَالْمَوْصِلِ لَمَّا تَوَلَّاهَا هُوَ وَأَبُوهُ أَيَّامَ مَلِكْشَاهْ، فَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَسِتِّينَ أَلْفِ دِينَارٍ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ، وَخَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ.
ذِكْرُ الْوَقْعَةِ بَيْنَ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ وَمُحَمَّدٍ وَإِعَادَةِ خُطْبَةِ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ بَرْكِيَارُقُ مِنْ بَغْدَاذَ عَلَى شَهْرَزُورَ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْتَحَقَ بِهِ عَالَمٌ كَثِيرٌ مِنَ التُّرْكُمَانِ وَغَيْرِهِمْ، فَسَارَ نَحْوَ أَخِيهِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ لِيُحَارِبَهُ، فَكَاتَبَهُ رَئِيسُ هَمَذَانَ لِيَسِيرَ إِلَيْهَا وَيَأْخُذَ أَقْطَاعَ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ مَعَ أَخِيهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَسَارَ نَحْوَ أَخِيهِ فَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ رَابِعَ رَجَبٍ، وَهُوَ الْمَصَافُّ الْأَوَّلُ بَيْنَ بَرْكِيَارُقَ وَأَخِيهِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ بِإِسْبِيذْرُوذَ، وَمَعْنَاهُ النَّهْرُ الْأَبْيَضُ، وَهُوَ عَلَى عِدَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ هَمَذَانَ.
وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ نَحْوُ عِشْرِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ فِي الْقَلْبِ، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ سُرْمُزُ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ أَمِيرٌ آخَرُ، وَابْنُهُ إِيَازُ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ، وَالنِّظَامِيَّةُ، وَكَانَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ فِي الْقَلْبِ، وَوَزِيرُهُ الْأَعَزُّ أَبُو الْمَحَاسِنِ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ كُوهْرَائِينُ وَعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ مَزِيدٍ، وَسُرْخَابُ بْنُ بَدْرٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ كَرْبُوقَا وَغَيْرُهُ، فَحَمَلَ كُوهْرَائِينُ مِنْ مَيْمَنَةِ بَرْكِيَارُقَ عَلَى مَيْسَرَةِ مُحَمَّدٍ، وَبِهَا مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ، وَالنِّظَامِيَّةُ، فَانْهَزَمُوا، وَدَخَلَ عَسْكَرُ بَرْكِيَارُقَ فِي خِيَامِهِمْ، فَنَهَبُوهُمْ، وَحَمَلَتْ مَيْمَنَةُ مُحَمَّدٍ عَلَى مَيْسَرَةِ بَرْكِيَارُقَ، فَانْهَزَمَتِ الْمُيَسَّرَةُ، وَانْضَافَتْ مَيْمَنَةُ مُحَمَّدٍ إِلَيْهِ فِي الْقَلْبِ عَلَى بَرْكِيَارُقَ وَمَنْ مَعَهُ، فَانْهَزَمَ بَرْكِيَارُقُ، وَوَقَفَ مُحَمَّدٌ مَكَانَهُ، وَعَادَ كُوهْرَائِينُ مِنْ طَلَبِ الْمُنْهَزِمِينَ الَّذِينَ انْهَزَمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَبَا بِهِ فَرَسُهُ، فَأَتَاهُ خُرَاسَانِيٌّ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ، وَتَفَرَّقَتْ عَسَاكِرُ بَرْكِيَارُقَ، وَبَقِيَ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute