وَأَمَّا وَزِيرُهُ الْأَعَزُّ أَبُو الْمَحَاسِنِ فَإِنَّهُ أُخِذَ أَسِيرًا، فَأَكْرَمَهُ مُؤَيَّدُ الْمُلْكِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَنَصَبَ لَهُ خِيَمًا وَخَرْكَاةَ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ الْفُرُشَ وَالْكِسْوَةَ، وَضَمَّنَهُ عِمَادَةَ بَغْدَاذَ، وَأَعَادَهُ إِلَيْهَا، وَأَمَرَهُ بِالْمُخَاطَبَةِ فِي إِعَادَةِ الْخُطْبَةِ لِلسُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَاذَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا خَاطَبَ فِي ذَلِكَ، فَأُجِيبُ إِلَيْهِ، وَخُطِبَ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ.
ذِكْرُ قَتْلِ سَعْدِ الدَّوْلَةِ كُوهْرَائِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبٍ، قُتِلَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُوهْرَائِينُ فِي الْحَرْبِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ خَادِمًا لِلْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ بْنِ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهَ، انْتَقَلَ إِلَيْهِ (مِنَ امْرَأَةٍ) مِنْ قُرْقُوبَ بِخُوزِسْتَانَ، وَكَانَ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الْأَهْوَازِ حَضَرَ عِنْدَهَا، وَاسْتَعْرَضَ حَوَائِجَهَا، وَأَصَابَ أَهْلُهَا مِنْهُ خَيْرًا كَثِيرًا، فَأَرْسَلَهُ أَبُو كَالِيجَارَ مَعَ ابْنِهِ أَبِي نَصْرٍ إِلَى بَغْدَاذَ، فَلَمَّا قَبَضَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكْ مَضَى مَعَهُ إِلَى قَلْعَةِ طَبَرَكَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو نَصْرٍ انْتَقَلَ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ أَلْبَ أَرْسِلَانَ، وَوَقَاهُ بِنَفْسِهِ لَمَّا جَرَحَهُ يُوسُفُ الْخُوَارِزْمِيُّ.
وَكَانَ أَلْبُ أَرْسِلَانُ قَدْ أَقْطَعَهُ وَاسِطَ، وَجَعَلَهُ شِحْنَةً لِبَغْدَاذَ، فَلَمَّا قُتِلَ أَلْبُ أَرْسِلَانُ أَرْسَلَهُ ابْنُهُ مَلِكْشَاهْ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأَحْضَرَ لَهُ الْخِلَعَ وَالتَّقْلِيدَ، وَرَأَى مَا لَمْ يَرَهُ خَادِمٌ قَبْلَهُ مِنْ نُفُوذِ الْأَمْرِ، وَتَمَامِ الْقُدْرَةِ، وَطَاعَةِ أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ، وَخِدْمَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، لَمْ يُصَادِرْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ.
ذِكْرُ حَالِ السُّلْطَانِ بَرْكِيَارُقَ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ وَانْهِزَامِهِ مِنْ أَخِيهِ سَنْجَرَ أَيْضًا وَقَتْلِ أَمِيرِ دَاذَ حَبَشِيٍّ
لَمَّا انْهَزَمَ السُّلْطَانُ بَرْكِيَارُقُ مِنْ أَخِيهِ السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ سَارَ قَلِيلًا، وَهُوَ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا، وَنَزَلَ عُتُمَةَ، وَاسْتَرَاحَ، وَقَصَدَ الرَّيَّ، وَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، وَيُؤْثِرُ دَوْلَتَهُ، فَاسْتَدْعَاهُ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمْعٌ صَالِحٌ، فَسَارَ إِلَى إِسْفَرَايِينَ، وَكَاتَبَ أَمِيرَ دَاذَ حَبَشِيَّ بْنَ أَلْتُونْتَاقَ، وَهُوَ بِدَامَغَانَ، يَسْتَدْعِيهِ، فَأَجَابَهُ يُشِيرُ عَلَيْهِ بِالْمُقَامِ بِنَيْسَابُورَ حَتَّى يَأْتِيَهُ، وَكَانَ بِيَدِهِ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ خُرَاسَانَ وَطَبَرِسِتَانَ وَجُرْجَانَ، فَلَمَّا وَصَلَ بَرْكِيَارُقُ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute