[حَرْبُ رَبِيعٍ الظَّفَرِيِّ]
ثُمَّ كَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ بَنِي ظَفَرٍ مِنَ الْأَوْسِ وَبَيْنَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ مِنَ الْخَزْرَجِ.
وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ رَبِيعًا الظَّفَرِيَّ كَانَ يَمُرُّ فِي مَالٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ إِلَى مِلْكٍ لَهُ، فَمَنَعَهُ النَّجَّارِيُّ، فَتَنَازَعَا، فَقَتَلَهُ رَبِيعٌ، فَجَمَعَ قَوْمُهُمَا فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا كَانَ أَشَدَّ قِتَالِ بَيْنَهُمْ، فَانْهَزَمَتْ بَنُو مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ الْأَوْسِيُّ فِي ذَلِكَ:
أَجَدَّ بِعَمْرَةَ غُنْيَانُهَا ... فَتَهْجُرَ أَمْ شَأْنُنَا شَأْنُهَا
فَإِنْ تُمْسِ شَطَّتْ بِهَا دَارُهَا ... وَبَاحَ لَكَ الْيَوْمَ هِجْرَانُهَا
فَمَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْقَطَا ... كَأَنَّ الْمَصَابِيحَ حَوْذَانُهَا
بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَلَا نُزْهَةَ ... وُلُوجٍ تَكَشَّفَ أَدْجَانُهَا
وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ النِّسَا ... يَنْفُخُ بِالْمِسْكِ أَرْدَانُهَا
مِنْهَا:
وَنَحْنُ الْفَوَارِسُ يَوْمَ الرَّبِي ... عِ قَدْ عَلِمُوا كَيْفَ أَبْدَانُهَا
جُنُونًا لِحَرْبٍ وَرَاءَ الصَّرِي ... خِ حَتَّى تَقَصَّدَ مُرَّانُهَا
تَرَاهُنَّ يَخْلِجْنَ خَلْجَ الدِّلَا ... يُبَادِرُ بِالنَّزْعِ أَشْطَانُهَا
وَهِيَ طَوِيلَةٌ.
فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزْرَجِيُّ بِقَصِيدَةٍ أَوَّلُهَا:
لَقَدْ هَاجَ نَفْسَكَ أَشْجَانُهَا ... وَغَادَرَهَا الْيَوْمَ أَدْيَانُهَا
وَمِنْهَا:
وَيَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِهَا ... إِذَا الْتَبَسَ الْحَقُّ مِيزَانُهَا
وَيَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِهَا ... إِذَا أَقْحَطَ الْقَطْرُ نُوآنُهَا