وَكَانَ فِيمَنْ تَوَلَّى أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرِيدِيُّ، وَلَّاهُ الْوَزِيرُ الْبَصْرَةَ وَجَمِيعَ أَعْمَالِهَا بِمَبْلَغٍ لَا يَفِي بِالنَّفَقَاتِ عَلَى الْبَصْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، بَلْ فَضَلَ لِأَبِي يُوسُفَ مِقْدَارُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ أَحَالَهُ الْوَزِيرُ بِهَا، فَلَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ اسْتَدْرَكَ عَلَى أَبِي يُوسُفَ، وَأَظْهَرَ لَهُ الْغَلَطَ فِي الضَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَا يُمْضِيهِ، فَأَجَابَ إِلَى أَنْ يَقُومَ بِنَفَقَاتِ الْبَصْرَةِ، وَيَحْمِلَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ سَنَةٍ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى الْمُقْتَدِرِ، فَحَسُنَ مَوْقِعُهُ عِنْدَهُ، (فَقَصَدَهُ الْوَزِيرُ، فَاسْتَتَرَ) ، وَسَعَى بِالْوَزِيرِ إِلَى الْمُقْتَدِرِ إِلَى أَنْ أَفْسَدَ حَالَهُ.
ذِكْرُ عَزْلِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْوِزَارَةِ
وَفِيهَا عُزِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْوِزَارَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَمْوَالُ، وَكَثُرَتِ الْإِخْرَاجَاتُ، فَاسْتَسْلَفَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ جُمْلَةً وَافِرَةً أَخْرَجَهَا فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَأَنْهَى هَارُونُ بْنُ غَرِيبٍ ذَلِكَ إِلَى الْمُقْتَدِرِ، فَرَتَّبَ مَعَهُ الْخَصِيبِيَّ، فَلَمَّا تَوَلَّى مَعَهُ نَظَرَ فِي أَعْمَالِهِ، فَرَآهُ قَدْ عَمِلَ حِسْبَةً إِلَى الْمُقْتَدِرِ لَيْسَ فِيهَا عَلَيْهِ وَجْهٌ، وَمَوَّهَ وَأَظْهَرَ ذَلِكَ لِلْمُقْتَدِرِ، فَأَمَرَ بِجَمْعِ الْكُتَّابِ وَكَشْفِ الْحَالِ، فَحَضَرُوا وَاعْتَرَفُوا بِصِدْقِ الْخَصِيبِيِّ بِذَلِكَ، وَقَابَلُوا الْوَزِيرَ بِذَلِكَ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَكَانَتْ وِزَارَتُهُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَاسْتَوْزَرَ الْمُقْتَدِرُ أَبَا الْفَتْحِ الْفَضْلَ بْنَ جَعْفَرٍ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنَ، فَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِإِسَاءَتِهِ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مُؤْنِسٍ عَلَى الْمَوْصِلِ
قَدْ ذَكَرْنَا مَسِيرَ مُؤْنِسٍ إِلَى الْمَوْصِلِ فَلَمَّا سَمِعَ الْحُسَيْنُ الْوَزِيرُ بِمَسِيرِهِ كَتَبَ إِلَى سَعِيدٍ، وَدَاوُدَ ابْنَيْ حَمْدَانَ، وَإِلَى ابْنِ أَخِيهِمَا نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ، يَأْمُرُهُمْ بِمُحَارَبَةِ مُؤْنِسٍ، وَصَدِّهِ عَنِ الْمَوْصِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute