الْإِسْلَامِ فِي حَالِ رِدَّتِهِمْ، فَأَتَوْهُ بِهِمْ، فَمَثَّلَ بِهِمْ وَحَرَّقَهُمْ وَرَضَخَهُمْ بِالْحِجَارَةِ، وَرَمَى بِهِمْ مِنَ الْجِبَالِ، وَنَكَّسَهُمْ فِي الْآبَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يُعْلِمُهُ مَا فَعَلَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ قُرَّةَ بْنَ هُبَيْرَةَ وَنَفَرًا مَعَهُ مُوَثَّقِينَ، وَزُهَيْرًا أَيْضًا.
وَأَمَّا أُمُّ زَمْلٍ فَاجْتَمَعَ فُلَّالُ غَطَفَانَ وَطَيِّئٍ وَسُلَيْمٍ وَهَوَازِنَ وَغَيْرِهَا إِلَى أُمِّ زَمْلٍ سَلْمَى بِنْتِ مَالِكِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ أُمُّهَا أُمَّ قِرْفَةَ بِنْتَ رَبِيعَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ أُمُّ زَمْلٍ قَدْ سُبِيَتْ أَيَّامَ أُمِّهَا أُمِّ قِرْفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْغَزْوَةُ، فَوَقَعَتْ لِعَائِشَةَ، فَأَعْتَقَتْهَا وَرَجَعَتْ إِلَى قَوْمِهَا وَارْتَدَّتْ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهَا الْفَلُّ، فَأَمَرَتْهُمْ بِالْقِتَالِ، وَكَثُفَ جَمْعُهَا وَعَظُمَتْ شَوْكَتُهَا. فَلَمَّا بَلَغَ خَالِدًا أَمْرُهَا سَارَ إِلَيْهَا، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا أَوَّلَ يَوْمٍ وَهِيَ وَاقِفَةٌ عَلَى جَمَلٍ كَانَ لِأُمِّهَا، وَهِيَ فِي مِثْلِ عِزِّهَا، فَاجْتَمَعَ عَلَى الْجَمَلِ فَوَارِسٌ فَعَقَرُوهُ وَقَتَلُوهَا، وَقُتِلَ حَوْلَ جَمَلِهَا مِائَةُ رَجُلٍ، وَبَعَثَ بِالْفَتْحِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ.
وَأَمَّا خَبَرُ الْفُجَاءَةِ السُّلَمِيِّ، وَاسْمُهُ إِيَاسُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ، فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ: أَعِنِّي بِالسِّلَاحِ، أُقَاتِلُ بِهِ أَهْلَ الرِّدَّةِ. فَأَعْطَاهُ سِلَاحًا وَأَمَّرَهُ إِمْرَةً، فَخَالَفَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِالْجِوَاءِ، وَبَعَثَ نُخْبَةَ بْنَ أَبِي الْمَيْثَاءِ مِنْ بَنِي الشَّرِيدِ وَأَمَرَهُ بِالْمُسْلِمِينَ، فَشَنَّ الْغَارَةَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي سُلَيْمٍ، وَعَامِرٍ، وَهَوَازِنَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى طُرَيْفَةَ بْنِ حَاجِزٍ،، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ وَيَسِيرَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ الْحَاسِيَّ عَوْنًا، فَنَهَضَا إِلَيْهِ وَطَلَبَاهُ، فَلَاذَ مِنْهُمَا، ثُمَّ لَقِيَاهُ عَلَى الْجِوَاءِ فَاقْتَتَلُوا، وَقُتِلَ نُخْبَةُ وَهَرَبَ الْفُجَاءَةُ، فَلَحِقَهُ طُرَيْفَةُ فَأَسَرَهُ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ تُوقَدَ لَهُ نَارٌ فِي مُصَلَّى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ رُمِيَ بِهِ فِيهِ مَقْمُوطًا.
وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي شَجَرَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى السُّلَمِيِّ، وَهُوَ ابْنُ الْخَنْسَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدِ ارْتَدَّ فِيمَنِ ارْتَدَّ مِنْ سُلَيْمٍ، وَثَبَتَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مَعَ مَعْنِ بْنِ حَاجِزٍ، وَكَانَ أَمِيرًا لِأَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا سَارَ خَالِدٌ إِلَى طُلَيْحَةَ كَتَبَ إِلَى مَعْنٍ أَنْ يَلْحَقَهُ فِيمَنْ مَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَسَارَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَمَلِهِ أَخَاهُ طُرَيْفَةَ بْنَ حَاجِزٍ. فَقَالَ أَبُو شَجَرَةَ حِينَ ارْتَدَّ:
صَحَا الْقَلْبُ عَنْ مَيٍّ هَوَاهُ وَأَقْصَرَا ... وَطَاوَعَ فِيهَا الْعَاذِلِينَ فَأَبْصَرَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute