وَأَسَرُوا الرِّجَالَ، وَسَبَوُا النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ، وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ، وَغَنِمُوا مِنْ أَهْلِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَالْأَمْتِعَةِ، وَكُتُبِ دُورِ الْعِلْمِ الْمَوْقُوفَةِ، مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُحْصَى، فَإِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا مَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْبِلَادِ أَمْوَالًا وَتِجَارَةً، وَسَلَّمَ الْوَالِي الَّذِي كَانَ بِهَا وَجَمَاعَةٌ مِنْ جُنْدِهَا كَانُوا الْتَمَسُوا الْأَمَانَ قَبْلَ فَتْحِهَا، فَوَصَلُوا إِلَى دِمَشْقَ، وَعَاقَبَ الْفِرِنْجُ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ، وَأُخِذَتْ دَفَائِنُهُمْ وَذَخَائِرُهُمْ فِي مَكَامِنِهِمْ.
ذِكْرُ مُلْكِ الْفِرِنْجِ جَبَلَةَ وَبَانْيَاسَ
لَمَّا فَرَغَ الْفِرِنْجُ مِنْ طَرَابُلُسَ سَارَ طَنْكَرِي، صَاحِبُ أَنْطَاكِيَةَ، إِلَى بَانْيَاسَ، وَحَصَرَهَا، وَافْتَتَحَهَا، وَأَمَّنَ أَهْلَهَا، وَنَزَلَ مَدِينَةَ جَبَلَةَ، وَفِيهَا فَخْرُ الْمُلْكِ بْنُ عَمَّارٍ، الَّذِي كَانَ صَاحِبَ طَرَابُلُسَ، وَكَانَ الْقُوتُ فِيهَا قَلِيلًا، فَقَاتَلَهَا إِلَى أَنْ مَلَكَهَا فِي الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنَ السَّنَةِ بِالْأَمَانِ، وَخَرَجَ فَخْرُ الْمُلْكِ بْنُ عَمَّارٍ سَالِمًا.
وَوَصَلَ عُقَيْبَ مَلِكِ طَرَابُلُسَ، الْأُسْطُولُ الْمِصْرِيُّ بِالرِّجَالِ، وَالْمَالِ، وَالْغِلَالِ، وَغَيْرِهَا، مَا يَكْفِيهِمْ سَنَةً، فَوَصَلَ إِلَى صُورَ بَعْدَ أَخْذِهَا بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ لِلْقَضَاءِ النَّازِلِ بِأَهْلِهَا، وَفُرِّقَتِ الْغِلَالُ الَّتِي فِيهِ وَالذَّخَائِرُ فِي الْجِهَاتِ الْمُنْفَذَةِ إِلَيْهَا: صُورَ، وَصَيْدَا، وَبَيْرُوتَ.
وَأَمَّا فَخْرُ الْمُلْكِ بْنُ عَمَّارٍ فَإِنَّهُ قَصَدَ شَيْزَرَ، فَأَكْرَمَهُ صَاحِبُهَا الْأَمِيرُ سُلْطَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُنْقِذٍ الْكِنَانِيُّ، وَاحْتَرَمَهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَنْزَلَهُ طُغْتِكِينُ صَاحِبُهَا، وَأَجْزَلَ لَهُ فِي الْحَمْلِ وَالْعَطِيَّةِ، وَأَقْطَعَهُ أَعْمَالَ الزَّبَدَانِيِّ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute