عَمْرِو بْنِ عُدَسٍ، وَعَقَدَ لِحَنْظَلَةَ بِأَسْرِهَا مَعَ لَقِيطِ بْنِ زُرَارَةَ، وَكَانَ مَعَ لَقِيطٍ ابْنَتُهُ دَخْتَنُوسُ، وَكَانَ يَغْزُو بِهَا مَعَهُ وَيَرْجِعُ إِلَى رَأْيِهَا.
وَسَارُوا فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ لَا يَشُكُّونَ فِي قَتْلِ عَبْسٍ وَعَامِرٍ وَإِدْرَاكِ ثَأْرِهِمْ. فَلَقِيَ لَقِيطٌ فِي طَرِيقِهِ كَرِبَ بْنَ صَفْوَانَ بْنِ الْحُبَابِ السَّعْدِيَّ، وَكَانَ شَرِيفًا، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسِيرَ مَعَنَا فِي غَزَاتِنَا؟ قَالَ: أَنَا مَشْغُولٌ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لِي. قَالَ: لَا بَلْ تُرِيدُ أَنْ تُنْذِرَ بِنَا الْقَوْمَ، وَلَا أَتْرُكُكَ حَتَّى تَحْلِفَ أَنَّكَ لَا تُخْبِرُهُمْ، فَحَلَفَ لَهُ، ثُمَّ سَارَ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ. فَلَمَّا دَنَا مِنْ عَامِرٍ أَخَذَ خِرْقَةً فَصَرَّ بِهَا حَنْظَلَةً وَشَوْكًا وَتُرَابًا وَخِرْقَتَيْنِ يَمَانِيَّتَيْنِ وَخِرْقَةً حَمْرَاءَ وَعَشَرَةَ أَحْجَارٍ سُودٍ ثُمَّ رَمَى بِهَا حَيْثُ يَسْقُونَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ. فَأَخَذَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُشَيْرٍ، فَأَتَى بِهَا حَيْثُ الْأَحْوَصُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا أَلْقَاهَا وَهُمْ يَسْقُونَ. فَقَالَ الْأَحْوَصُ لِقَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ الْعَبْسِيِّ: مَا تَرَى فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: هَذَا مِنْ صُنْعِ اللَّهِ لَنَا، هَذَا رَجُلٌ قَدْ أُخِذَ عَلَيْهِ عَهْدٌ أَنْ لَا يُكَلِّمَكُمْ فَأَخْبَرَكُمْ أَنَّ أَعْدَاءَكُمْ قَدْ غَزَوْكُمْ عَدَدَ التُّرَابِ، وَأَنَّ شَوْكَتَهُمْ شَدِيدَةٌ، وَأَمَّا الْحَنْظَلَةُ فَهِيَ رُؤَسَاءُ الْقَوْمِ، وَأَمَّا الْخِرْقَتَانِ الْيَمَانِيَّتَانِ فَهُمَا حَيَّانِ مِنَ الْيَمَنِ مَعَهُمْ، وَأَمَّا الْخِرْقَةُ الْحَمْرَاءُ فَهِيَ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ، وَأَمَّا الْأَحْجَارُ فَهِيَ عَشْرُ لَيَالٍ يَأْتِيكُمُ الْقَوْمُ إِلَيْهَا، قَدْ أَنْذَرْتُكُمْ فَكُونُوا أَحْرَارًا فَاصْبِرُوا كَمَا يَصْبِرُ الْأَحْرَارُ الْكِرَامُ.
قَالَ الْأَحْوَصُ: فَإِنَّا فَاعِلُونَ وَآخِذُونَ بِرَأْيِكَ، فَإِنَّهُ لَمْ تَنْزِلْ بِكَ شِدَّةٌ إِلَّا رَأَيْتَ الْمَخْرَجَ مِنْهَا. قَالَ: فَإِذْ قَدْ رَجَعْتُمْ إِلَى رَأْيِي فَأَدْخِلُوا نَعَمَكُمْ شِعْبَ جَبَلَةَ ثُمَّ أَظْمِئُوهَا هَذِهِ الْأَيَّامَ وَلَا تُورِدُوهَا الْمَاءَ، فَإِذَا جَاءَ الْقَوْمُ أَخْرِجُوا عَلَيْهِمُ الْإِبِلَ وَانْخَسُوهَا بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ فَتَخْرُجَ مَذَاعِيرَ عِطَاشًا فَتَشْغَلَهُمْ وَتُفَرِّقَ جَمْعَهُمْ وَاخْرُجُوا أَنْتُمْ فِي آثَارِهَا وَاشْفُوا نُفُوسَكُمْ. فَفَعَلُوا مَا أَشَارَ بِهِ.
وَعَادَ كَرِبُ بْنُ صَفْوَانَ فَلَقِيَ لَقِيطًا فَقَالَ لَهُ: أَنْذَرْتَ الْقَوْمَ؟ فَأَعَادَ الْحَلِفَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، فَخَلَّى عَنْهُ. فَقَالَتْ دَخْتَنُوسُ ابْنَةُ لَقِيطٍ لِأَبِيهَا: رُدَّنِي إِلَى أَهْلِي، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute