الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ عَلَى بَغْلٍ مَلْفُوفَةً فِي إِزَارٍ، وَطَلَبَ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يُسَلِّمُوهَا إِلَيْهِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، أَرْسَلَ تُتُشْ جُثَّةَ سُلَيْمَانَ فِي إِزَارٍ لِيُسَلِّمُوهَا إِلَيْهِ، فَأَجَابَهُ ابْنُ الْحُتَيْتِيِّ أَنَّهُ يُكَاتِبُ السُّلْطَانَ، وَمَهْمَا أَمَرَهُ فَعَلَ، فَحَصَرَ تُتُش الْبَلَدَ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهِ.
وَكَانَ ابْنُ الْحُتَيْتِيِّ قَدْ سَلَّمَ كُلَّ بُرْجٍ مِنْ أَبْرَاجِهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلَدِ لِيَحْفَظَهُ، وَسَلَّمَ بُرْجًا فِيهَا إِلَى إِنْسَانٍ يُعَرَفُ بِابْنِ الرَّعَوِيِّ. ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الْحُتَيْتِيِّ أَوْحَشَهُ بِكَلَامٍ أَغْلَظَ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ شَدِيدَ الْقُوَّةِ، وَرَأَى مَا النَّاسُ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ، فَدَعَاهُ إِلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ أَرْسَلَ إِلَى تُتُشْ يَسْتَدْعِيهِ، وَوَاعَدَهُ لَيْلَةً يَرْفَعُ الرِّجَالُ إِلَى السُّورِ فِي الْحِبَالِ، فَأَتَى تُتُشْ لِلْمِيعَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَأَصْعَدَ الرِّجَالَ فِي الْحِبَالِ وَالسَّلَالِيمِ، وَمَلَكَ تُتُش الْمَدِينَةَ، وَاسْتَجَارَ ابْنُ الْحُتَيْتِيِّ بِالْأَمِيرِ أُرْتُقُ فَشَفَعَ فِيهِ، وَأَمَّا الْقَلْعَةُ فَكَانَ بِهَا سَالِمُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَدْرَانَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ شَرَفِ الدَّوْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ قُرَيْشٍ، فَأَقَامَ تُتُشْ يَحْصُرُ الْقَلْعَةَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ بِوُصُولِ مُقَدِّمَةِ أَخِيهِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ، فَرَحَلَ عَنْهَا.
ذِكْرُ مُلْكِ السُّلْطَانِ حَلَبَ وَغَيْرِهَا.
كَانَ ابْنُ الْحُتَيْتِيِّ قَدْ كَاتَبَ السُّلْطَانَ مَلِكْشَاهْ يَسْتَدْعِيهِ لِيُسَلِّمَ إِلَيْهِ حَلَبَ، لَمَّا خَافَ تَاجَ الدَّوْلَةِ تُتُشْ، فَسَارَ إِلَيْهِ مِنْ أَصْبَهَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَجَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ الْأَمِيرَ بُرْسُقَ، وَبُوزَانَ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَجَعَلَ طَرِيقَهُ عَلَى الْمَوْصِلِ، فَوَصَلَهَا فِي رَجَبٍ، وَسَارَ مِنْهَا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى حَرَّانَ سَلَّمَهَا إِلَيْهِ ابْنُ الشَّاطِرِ، فَأَقْطَعَهَا السُّلْطَانُ لِمُحَمَّدِ بْنِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَسَارَ إِلَى الرُّهَا، وَهِيَ بَيَدِ الرُّومِ، فَحَصَرَهَا وَمَلَكَهَا، وَكَانُوا قَدِ اشْتَرَوْهَا مِنِ ابْنِ عُطَيْرٍ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَسَارَ إِلَى قَلْعَةِ جَعْبَرٍ، فَحَصَرَهَا يَوْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute