وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ، فَقِيلَ: كَانَ نَائِمًا بِالْمَسْجِدِ فِي الْحِجْرِ، فَأُسْرِيَ بِهِ مِنْهُ، وَقِيلَ: كَانَ نَائِمًا فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَائِلُ هَذَا يَقُولُ: الْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ.
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ.
قَالُوا: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي جِبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَقَالَا: بِأَيِّهِمْ أُمِرْنَا؟ فَقَالَا: أُمِرْنَا بِسَيِّدِهِمْ، ثُمَّ ذَهَبَا، ثُمَّ جَاءَا مِنَ الْقَابِلَةِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ، فَأَلْفَوْهُ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَلَبُوهُ لِظَهْرِهِ وَشَقُّوا بَطْنَهُ، وَجَاءُوا بِمَاءِ زَمْزَمَ فَغَسَلُوا مَا كَانَ فِي بَطْنِهِ مِنْ غِلٍّ وَغَيْرِهِ، وَجَاءُوا بِطَسْتٍ مَمْلُوءٍ إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَمُلِئَ قَلْبُهُ وَبَطْنُهُ إِيمَانًا وَحِكْمَةً. قَالَ: وَأَخْرَجَنِي جِبْرَائِيلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ، وَهِيَ الْبُرَاقُ، وَهِيَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَقُوعُ خَطْوُهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَقَالَ: ارْكَبْ، فَلَمَّا وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ تَشَامَسَ وَاسْتَصْعَبَ. فَقَالَ جِبْرَائِيلُ: يَا بُرَاقُ مَا رَكِبَكَ نَبِيٌّ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ، فَانْصَبَّ عَرَقًا وَانْخَفَضَ لِي حَتَّى رَكِبْتُهُ، وَسَارَ بِي جِبْرَائِيلُ نَحْوَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَأُتِيتُ بِإِنَائَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِي: اخْتَرْ أَحَدَهُمَا، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوَتْ أُمَّتُكَ بَعْدَكَ.
ثُمَّ سِرْنَا فَقَالَ لِي: انْزِلْ فَصَلِّ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَقَالَ: هَذِهِ طِيبَةُ وَإِلَيْهَا الْمُهَاجَرُ.
ثُمَّ سِرْنَا فَقَالَ لِيَ: انْزِلْ فَصَلِّ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَقَالَ: هَذَا طُورُ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى، ثُمَّ سِرْنَا فَقَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَقَالَ: هَذَا بَيْتُ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى. ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَنْزَلَنِي جِبْرَائِيلُ وَرَبَطَ الْبُرَاقَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَ يَرْبُطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ. فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ إِذَا أَنَا بِالْأَنْبِيَاءِ حَوَالَيَّ، وَقِيلَ: بِأَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بَعَثَهُمُ اللَّهُ قَبْلِي، فَسَلَّمُوا عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرَائِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: إِخْوَانُكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، زَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا، وَزَعَمَتِ النَّصَارَى أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا، سَلْ هَؤُلَاءِ النَّبِيِّينَ هَلْ كَانَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - شَرِيكٌ أَوْ وَلَدٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: ٤٥] فَأَقَرُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute