السَّيْرَ إِلَيْهَا، فَسَارَ أَبُو طَاهِرٍ عَنْهَا، وَعَادَ) إِلَى الرَّحْبَةِ، وَوَصَلَ مُؤْنِسٌ إِلَى الرَّقَّةِ بَعْدَ انْصِرَافِ الْقَرَامِطَةِ عَنْهَا، ثُمَّ إِنَّ الْقَرَامِطَةَ سَارُوا إِلَى هَيْتَ، وَكَانَ أَهْلُهَا قَدْ أَحْكَمُوا سُورَهَا، فَقَاتَلُوهُ، فَعَادَ عَنْهُمْ إِلَى الْكُوفَةِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأُخْرِجَ هَارُونُ بْنُ غَرِيبٍ، (وَبُنِّيُّ بْنُ نَفِيسٍ) وَنَصْرٌ الْحَاجِبُ (إِلَيْهَا، وَوَصَلَتْ خَيْلُ الْقَرْمَطِيِّ إِلَى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَقَتَلُوا مِنْهُ جَمَاعَةً.
ثُمَّ إِنَّ نَصْرًا الْحَاجِبَ) حُمَّ فِي طَرِيقِهِ حُمَّى حَادَّةً، فَتَجَلَّدَ وَسَارَ، فَلَمَّا قَارَبَهُمُ الْقَرْمَطِيُّ لَمْ يَكُنْ فِي نَصْرٍ قُوَّةٌ عَلَى النُّهُوضِ وَالْمُحَارَبَةِ، فَاسْتَخْلَفَ أَحْمَدَ بْنَ كَيْغَلَغَ، وَاشْتَدَّ مَرَضُ نَصْرٍ، وَأُمْسِكَ لِسَانُهُ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ، فَرَدُّوهُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ فِي أَوَاخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَجُعِلَ مَكَانَهُ عَلَى الْجَيْشِ هَارُونُ بْنُ غَرِيبٍ، وَرُتِّبَ ابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ فِي الْحَجْبَةِ لِلْمُقْتَدِرِ مَكَانَ أَبِيهِ، فَانْصَرَفَ الْقَرَامِطَةُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، وَعَادَ هَارُونُ إِلَى بَغْدَاذَ (فِي الْجَيْشِ) ، فَدَخَلَهَا لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ.
ذِكْرُ عَزْلِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَوِزَارَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَنْ وِزَارَةِ الْخَلِيفَةِ، وَرُتِّبَ فِيهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا رَأَى نَقْصَ الِارْتِفَاعِ، وَاخْتِلَالَ الْأَعْمَالِ بِوِزَارَةِ الْخَاقَانِيِّ وَالْخَصِيبِيِّ، وَزِيَادَةَ النَّفَقَاتِ، وَأَنَّ الْجُنْدَ لَمَّا عَادُوا مِنَ الْأَنْبَارِ زَادَهُمُ الْمُقْتَدِرُ فِي أَرْزَاقِهِمْ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ، وَرَأَى أَيْضًا كَثْرَةَ النَّفَقَاتِ لِلْخَدَمِ وَالْحُرَمِ، لَا سِيَّمَا وَالِدَةُ الْمُقْتَدِرِ، هَالَهُ ذَلِكَ، وَعَظُمَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ رَأَى نَصْرًا الْحَاجِبَ يَقْصِدُهُ، وَيَنْحَرِفُ عَنْهُ لِمَيْلِ مُؤْنِسٍ إِلَيْهِ، فَإِنَّ نَصْرًا كَانَ يُخَالِفُ مُؤْنِسًا فِي جَمِيعِ مَا يُشِيرُ بِهِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ اسْتَعْفَى مِنَ الْوِزَارَةِ، وَاحْتَجَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute