بِالشَّيْخُوخَةِ، وَقِلَّةِ النَّهْضَةِ، فَأَمَرَهُ الْمُقْتَدِرُ بِالصَّبْرِ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ وَالِدِي الْمُعْتَضِدِ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِعْفَاءِ، فَشَاوَرَ مُؤْنِسًا فِي ذَلِكَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ سُمِّيَ لِلْوِزَارَةِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْفُرَاتِ الَّذِي أُمُّهُ حَنْزَانَةُ، وَأُخْتُهُ زَوْجَةُ الْمُحَسِّنِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ النِّيرَمَانِيُّ الَّذِي كَانَ وَزِيرَ ابْنِ أَبِي السَّاجِ، فَقَالَ مُؤْنِسٌ: أَمَّا الْفَضْلُ فَقَدْ قَتَلْنَا عَمَّهُ الْوَزِيرَ أَبَا الْحَسَنِ، وَابْنَ عَمِّهِ زَوْجَ أُخْتِهِ الْمُحَسِّنَ ابْنَ الْوَزِيرِ، وَصَادَرْنَا أُخْتَهُ (فَلَا نَأْمَنُهُ، وَأَمَّا) ابْنُ مُقْلَةَ فَحَدَثٌ غِرٌّ لَا تَجْرِبَةَ لَهُ بِالْوِزَارَةِ، وَلَا يَصْلُحُ لَهَا، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ فَجَاهِلٌ مُتَهَوِّرٌ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا، وَالصَّوَابُ مُدَارَاةُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى.
ثُمَّ لَقِيَ مُؤْنِسٌ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى، وَسَكَّنَهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ كُنْتَ مُقِيمًا لَاسْتَعَنْتُ بِكَ، وَلَكِنَّكَ سَائِرٌ إِلَى الرَّقَّةِ ثُمَّ إِلَى الشَّامِ.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مُقْلَةَ، فَجَدَّ فِي السَّعْيِ، وَضَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الضَّمَانَاتِ، وَشَاوَرَ الْمُقْتَدِرُ نَصْرًا الْحَاجِبَ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَقَالَ: أَمَّا الْفَضْلُ بْنُ الْفُرَاتِ فَلَا يُدْفَعُ عَنْ صِنَاعَةِ الْكِتَابَةِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَالْكِفَايَةِ، وَلَكِنَّكَ بِالْأَمْسِ قَتَلْتَ عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَصِهْرَهُ، وَصَادَرْتَ أُخْتَهُ وَأُمَّهُ، ثُمَّ إِنَّ بَنِي الْفُرَاتِ يَدِينُونَ بِالرَّفْضِ، وَيُعْرَفُونَ بِوَلَاءِ آلِ عَلِيٍّ وَوَلَدِهِ، وَأَمَّا أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ فَلَا هَيْبَةَ لَهُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى كِفَايَةٍ، وَلَا تَجْرِبَةٍ، وَأَشَارَ بِمُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ لِمَوَدَّةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا، فَنَفَرَ الْمُقْتَدِرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ لِمَا عَلِمَهُ مِنْ جَهْلِهِ وَتَهَوُّرِهِ، وَوَاصَلَ ابْنُ مُقْلَةَ بِالْهَدِيَّةِ إِلَى نَصْرٍ الْحَاجِبِ، فَأَشَارَ عَلَى الْمُقْتَدِرِ بِهِ، فَاسْتَوْزَرَهُ.
وَكَانَ ابْنُ مُقْلَةَ لَمَّا قَرُبَ الْهَجَرِيُّ مِنَ الْأَنْبَارِ قَدْ أَنْفَذَ صَاحِبًا لَهُ مَعَهُ خَمْسُونَ طَائِرًا، وَأَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بِالْأَنْبَارِ، وَإِرْسَالِ الْأَخْبَارِ إِلَيْهِ وَقْتًا بِوَقْتٍ، (فَفَعَلَ ذَلِكَ) ، فَكَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute