كَفَى حَزَنًا أَنْ تَرْدَى الْخَيْلُ بِالْقَنَا ... وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا
إِذَا قُمْتُ عَنَّانِي الْحَدِيدُ وَأُغْلِقَتْ ... مَصَارِيعُ دُونِي قَدْ تُصِمُّ الْمُنَادِيَا
وَقَدْ كُنْتُ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَإِخْوَةٍ ... فَقَدْ تَرَكُونِي وَاحِدًا لَا أَخَا لِيَا
وَلِلَّهِ عَهْدٌ لَا أَخِيسُ بِعَهْدِهِ ... لَئِنْ فُرِّجَتْ أَنْ لَا أَزُورَ الْحَوَانِيَا
فَرَقَّتْ لَهُ سَلْمَى وَأَطْلَقَتْهُ، وَأَعْطَتْهُ الْبَلْقَاءَ فَرَسَ سَعْدٍ، فَرَكِبَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِحِيَالِ الْمَيْمَنَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى مَيْسَرَةِ الْفُرْسِ، ثُمَّ رَجَعَ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ، وَحَمَلَ عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ، وَكَانَ يَقْصِفُ النَّاسَ قَصْفًا مُنْكَرًا، وَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهُ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنْ أَصْحَابِ هَاشِمٍ أَوْ هَاشِمٌ نَفْسُهُ، وَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ: لَوْلَا مَحْبَسُ أَبِي مِحْجَنٍ لَقُلْتُ هَذَا أَبُو مِحْجَنٍ وَهَذِهِ الْبَلْقَاءُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذَا الْخَضِرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْلَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تُبَاشِرُ الْحَرْبَ لَقُلْنَا إِنَّهُ مَلَكٌ. فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ وَتَرَاجَعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْفُرْسُ عَنِ الْقِتَالِ أَقْبَلَ أَبُو مِحْجَنٍ فَدَخَلَ الْقَصْرَ وَأَعَادَ رِجْلَيْهِ فِي الْقَيْدِ وَقَالَ:
لَقَدْ عَلِمَتْ ثَقِيفٌ غَيْرَ فَخْرٍ بِأَنَّا نَحْنُ أَكْرَمُهُمْ سُيُوفَا
وَأَكْثَرُهُمْ دُرُوعًا سَابِغَاتٍ وَأَصْبَرُهُمْ إِذَا كَرِهُوا الْوُقُوفَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute