للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ مُخَالِفَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِطُوسَ

كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِطُوسَ وَأَعْمَالِهَا، وَهِيَ فِي يَدِهِ وَيَدِ نُوَّابِهِ، فَخَالَفَ عَلَى الْأَمِيرِ نُوحِ بْنِ نَصْرٍ السَّامَانِيِّ، وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ قَرَاتَكِينَ صَاحِبَ جَيْشِ خُرَاسَانَ بِمَرْوَ عِنْدَ نُوحٍ، فَوَصَلَ إِلَيْهِمَا وَشْمَكِيرُ مُنْهَزِمًا مِنْ جُرْجَانَ، قَدْ غَلَبَهُ عَلَيْهَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ، فَأَمَرَ نُوحٌ مَنْصُورًا بِالْمَسِيرِ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَمُحَارَبَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْذِ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ يَسِيرُ مَعَ وَشْمَكِيرَ إِلَى جُرْجَانَ، فَسَارَ مَنْصُورٌ وَوَشْمَكِيرُ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَكَانَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَفَارَقَهَا نَحْوَ أُسْتُوا، فَاتَّبَعَهُ مَنْصُورٌ، فَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى جُرْجَانَ، وَكَاتَبَ رُكْنَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ، وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ، فَأَمَرَهُ بِالْوُصُولِ إِلَى الرَّيِّ.

وَسَارَ مَنْصُورٌ مِنْ نَيْسَابُورَ إِلَى طُوسَ، وَحَصَرُوا رَافِعَ بْنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِقَلْعَةِ شَمِيلَانَ، فَاسْتَأْمَنَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَافِعٍ إِلَيْهِ، فَهَرَبَ رَافِعٌ مِنْ شَمِيلَانَ إِلَى حِصْنِ دَرَكَ، فَاسْتَوْلَى مَنْصُورٌ عَلَى شَمِيلَانَ، (وَأَخَذَ مَا فِيهَا مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ) ، وَاحْتَمَى رَافِعٌ بِدَرَكَ، وَبِهَا أَهْلُهُ وَوَالِدَتُهُ، وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ شَمِيلَانَ، (فَأَخْرَبَ مَنْصُورٌ شَمِيلَانَ) ، وَسَارَ إِلَى دَرَكَ فَحَاصَرَهَا، وَحَارَبَهُمْ عِدَّةَ أَيَّامٍ، فَتَغَيَّرَتِ الْمِيَاهُ بِدَرَكَ، فَاسْتَأْمَنَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى مَنْصُورٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي عَمِّهِ وَأَهْلِهِ، وَعَمِدَ أَخُوهُ رَافِعٌ إِلَى الصَّامِتِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَالْجَوَاهِرِ، وَأَلْقَاهَا فِي الْبُسُطِ إِلَى تَحْتِ الْقَلْعَةِ، وَنَزَلَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ فَأَخَذُوا تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَتَفَرَّقُوا فِي الْجِبَالِ.

وَاحْتَوَى مَنْصُورٌ عَلَى مَا كَانَ فِي قَلْعَةِ دَرَكَ، وَأَنْفَذَ عِيَالَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَوَالِدَتِهِ إِلَى بُخَارَى فَاعْتُقِلُوا بِهَا، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَإِنَّهُ سَارَ مِنْ جُرْجَانَ إِلَى الرَّيِّ، وَبِهَا رُكْنُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ رُكْنُ الدَّوْلَةِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا، وَسَرَّحَهُ إِلَى مُحَارَبَةِ الْمَرْزُبَانِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

ذِكْرُ وَلَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ صِقِلِّيَةَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَلْبِيَّ عَلَى جَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ، وَكَانَ لَهُ مَحَلٌّ كَبِيرٌ عِنْدَ الْمَنْصُورِ، وَلَهُ أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي قِتَالِ أَبِي يَزِيدَ.

وَكَانَ سَبَبُ وَلَايَتِهِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَضْعَفَهُمُ الْكُفَّارُ بِهَا أَيَّامَ عَطَّافٍ لِعَجْزِهِ وَضَعْفِهِ، وَامْتَنَعُوا مِنْ إِعْطَاءِ مَالِ الْهُدْنَةِ، وَكَانُوا بِصِقِلِّيَةَ بَنُو الطَّبَرِيِّ مِنْ أَعْيَانِ الْجَمَاعَةِ، وَلَهُمْ أَتْبَاعٌ كَثِيرُونَ، فَوَثَبُوا بِعَطَّافٍ أَيْضًا، وَأَعَانَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ سَنَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>