الْحَرْبَ، وَهَزَمُوا الْقَرَامِطَةَ، وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْأَسْرَ، حَتَّى لَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ أُدْخِلَ صَاحِبُ الشَّامَةِ الرَّقَّةَ ظَاهِرًا لِلنَّاسِ عَلَى فَالِجٍ، وَهُوَ الْجَمَلُ ذُو السَّنَامَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْمُدَّثِّرُ وَالْمُطَوَّقُ ; وَسَارَ الْمُكْتَفِي إِلَى بَغْدَاذَ وَمَعَهُ صَاحِبُ الشَّامَةِ، وَأَصْحَابُهُ، وَخَلَّفَ الْعَسَاكِرَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَأُدْخِلَ الْقَرْمَطِيُّ بَغْدَاذَ عَلَى فِيلٍ، وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْجَمَلِ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُكْتَفِي بِحَبْسِهِمْ إِلَى أَنْ يَقْدَمَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فَقَدِمَ بَغْدَاذَ، وَقَدِ اسْتَقْصَى فِي طَلَبِ الْقَرَامِطَةِ، فَظَفِرَ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِهِمْ وَرُءُوسِهِمْ، فَأَمَرَ الْمُكْتَفِي بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ، وَأَرْجُلِهِمْ، وَضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأُخْرِجُوا مِنَ الْحَبْسِ، وَفُعِلَ بِهِمْ ذَلِكَ، وَضُرِبَ صَاحِبُ الشَّامَةِ مِائَتَيْ سَوْطٍ، وَقُطِعَتْ يَدَاهُ، وَكُوِيَ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا خَشَبًا وَجَعَلُوا فِيهِ نَارًا، وَوَضَعُوهُ عَلَى خَوَاصِرِهِ، فَجَعَلَ يَفْتَحُ عَيْنَهُ وَيُغْمِضُهَا، فَلَمَّا خَافُوا مَوْتَهُ ضَرَبُوا عُنُقَهُ، وَرَفَعُوا رَأْسَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، فَكَبَّرَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَنُصِبَ عَلَى الْجِسْرِ.
وَفِيهَا قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعُلَيْصِ مِنْ وُجُوهِ الْقَرَامِطَةِ، يُسَمَّى إِسْمَاعِيلَ بْنَ النُّعْمَانِ، وَكَانَ نَجَا فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَنْجُ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ غَيْرُهُ، فَكَاتَبَهُ الْمُكْتَفِي وَبَذَلَ لَهُ الْأَمَانَ، فَحَضَرَ فِي الْأَمَانِ هُوَ وَنَيِّفٌ (وَمِائَةٌ) وَسِتُّونَ نَفْسًا، فَأُمِّنُوا وَأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَوُصِلُوا بِمَالٍ، وَصَارُوا إِلَى رَحْبَةِ مَالِكِ بْنِ طَوْقٍ مَعَ الْقَاسِمِ بْنِ سِيمَا، وَهِيَ مِنْ عَمَلِهِ، فَأَقَامُوا مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ أَرَادُوا الْغَدْرَ بِالْقَاسِمِ، وَعَزَمُوا عَلَى أَنْ يَثِبُوا بِالرَّحْبَةِ يَوْمَ الْفِطْرِ عِنْدَ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِالصَّلَاةِ، وَكَانَ قَدْ صَارَ مَعَهُمْ جَمَاعَةٌ كَبِيرَةٌ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ، فَقَتَلَهُمْ، فَارْتَدَعَ مَنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ مَوَالِي بَنِي الْعُلَيْصِ، وَذَلُّوا، وَأُلْزِمُوا السَّمَاوَةَ، حَتَّى جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنَ الْخَبِيثِ زِكْرَوَيْهِ يُعْلِمُهُمْ أَنَّهُ مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ صَاحِبَ الشَّامَةِ، وَأَخَاهُ الْمَعْرُوفُ بِالشَّيْخِ يُقْتَلَانِ، وَأَنَّ إِمَامَهُ الَّذِي هُوَ حَيٌّ يَظْهَرُ بَعْدَهُمَا وَيَظْفَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute