للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدِيعٌ، وَلَمْ يُطْبَعْ عَلَى الدَّهْرِ مِثْلُهُ

وَلَا ضُرِبَتْ أَضْرَابُهُ لِسُرَاتِهِ ... فَقَدْ أَبْرَزَتْهُ دَوْلَةٌ فَلَكِيَّةٌ

أَقَامَ بِهَا الْإِقْبَالُ صَدْرَ قَنَاتِهِ ... وَصَارَ إِلَى شَاهَانْشَاهَ انْتِسَابُهُ

عَلَى أَنَّهُ مُسْتَصْغِرٌ لِعُفَاتِهِ ... يُخَبِّرُ أَنْ يَبْقَى سِنِينَ كَوَزْنِهِ

لِتَسْتَبْشِرَ الدُّنْيَا بِطُولِ حَيَاتِهِ ... تَأَنَّقَ فِيهِ عَبْدُهُ، وَابْنُ عَبْدِهِ

وَغَرْسُ أَيَادِيهِ، وَكَافِي كُفَاتِهِ

(وَكَانَ عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ، وَلَقَبُ الْخَلِيفَةِ الطَّائِعِ لِلَّهِ، وَلَقَبُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، وَاسْمُ جُرْجَانَ لِأَنَّهُ ضُرِبَ بِهَا. قَوْلُهُ: " دَوْلَةٌ فَلَكِيَّةٌ " يَعْنِي أَنَّ لَقَبَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ كَانَ فَلَكَ الْأُمَّةِ. وَقَوْلُهُ: " وَكَافِي كُفَاتِهِ "، فَإِنَّ الصَّاحِبَ كَانَ لَقَبُهُ كَافِيَ الْكُفَاةِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَتَابَعَتِ الْأَمْطَارُ، وَكَثُرَتِ الْبُرُوقُ وَالرُّعُودُ، وَالْبَرَدُ الْكِبَارُ، وَسَالَتْ مِنْهُ الْأَوْدِيَةُ، وَامْتَلَأَتِ الْأَنْهَارُ وَالْآبَارُ بِبِلَادِ الْجَبَلِ، وَخَرِبَتِ الْمَسَاكِنُ، وَامْتَلَأَتِ الْأَقْنَاءُ طِينًا وَحِجَارَةً، وَانْقَطَعَتِ الطُّرُقُ.

وَفِيهَا عَصَى نَصْرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَيْرَزَانِ بِالدَّامَغَانَ عَلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ، وَاجْتَازَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّبِيبِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ مُقْبِلًا مِنَ الرَّيِّ وَمَعَهُ عَسْكَرٌ مِنَ الدَّيْلَمِ لِمُحَارَبَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْجِدَّ فِي أَمْرِهِ رَاسَلَ فَخْرَ الدَّوْلَةِ، وَعَاوَدَ طَاعَتَهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ فِي رَجَبٍ.

وَفِيهَا وَقَعَ الْوَبَاءُ بِالْبَصْرَةِ وَالْبَطَائِحِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، فَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهُمُ الشَّوَارِعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>