الْأَصْفَرِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي حُبِّي لِلنِّسَاءِ، وَأَخْشَى أَنْ لَا أَصْبِرَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي وَلَا تَفْتِنِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: ٤٩] الْآيَةَ، وَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ - تَعَالَى: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: ٨١] .
ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَجَهَّزَ وَأَمَرَ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنْفَقَ أَهْلُ الْغِنَى، وَأَنْفَقَ أَبُو بَكْرٍ جَمِيعَ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ مَالِهِ، وَأَنْفَقَ عُثْمَانُ نَفَقَةً عَظِيمَةً لَمْ يُنْفِقْ أَحَدٌ أَعْظَمَ مِنْهَا، قِيلَ: كَانَتْ ثَلَاثَمِائَةِ بَعِيرٍ وَأَلْفَ دِينَارٍ.
ثُمَّ إِنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمُ الْبَكَّاءُونَ، وَكَانُوا سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ، فَاسْتَحْمَلُوهُ. فَقَالَ: لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. فَتَوَلَّوْا يَبْكُونَ، فَلَقِيَهُمْ يَامِينُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ كَعْبٍ النَّضْرِيُّ، فَسَأَلَهُمْ عَمَّا يُبْكِيهِمْ فَأَعْلَمُوهُ، فَأَعْطَى أَبَا لَيْلَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيَّ بَعِيرًا، فَكَانَا يَعْتَقِبَانِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ فَاعْتَذَرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَعْذُرْهُمُ اللَّهُ، وَكَانَ عِدَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَخَلَّفُوا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، مِنْهُمْ: كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ.
فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ الْمُنَافِقُ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ، «وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ، وَعَلَى أَهْلِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: مَا خَلَّفَهُ إِلَّا اسْتِثْقَالًا لَهُ. فَلَمَّا سَمِعَ عَلِيٌّ ذَلِكَ أَخَذَ سِلَاحَهُ وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ الْمُنَافِقُونَ، فَقَالَ: كَذَبُوا، وَإِنَّمَا خَلَّفْتُكَ لِمَا وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ، أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute