للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» . فَرَجَعَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثُمَّ إِنَّ أَبَا خَيْثَمَةَ أَقَامَ أَيَّامًا، فَجَاءَ يَوْمًا إِلَى أَهْلِهِ، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، وَقَدْ رَشَّتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرَّدَتْ لَهُ مَاءً، وَصَنَعَتْ طَعَامًا، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَرِّ وَالرِّيحِ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ فِي الظِّلِّ الْبَارِدِ، وَالْمَاءِ الْبَارِدِ مُقِيمٌ! مَا هَذَا بِالنَّصَفِ، وَاللَّهِ مَا أَحَلُّ عَرِيشًا مِنْهَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَهَيَّأَ زَادَهُ وَخَرَجَ إِلَى نَاضِحِهِ فَرَكِبَهُ، وَطَلَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكَهُ بِتَبُوكَ، فَقَالَ النَّاسُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَاكِبٌ مُقْبِلٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ. فَقَالُوا: هُوَ وَاللَّهِ أَبُو خَيْثَمَةَ. وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ، فَدَعَا لَهُ» .

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَرَّ بِالْحِجْرِ، وَهُوَ بِطَرِيقِهِ، وَهُوَ مَنْزِلُ ثَمُودَ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «لَا تَشْرَبُوا مِنْ هَذَا الْمَاءِ شَيْئًا، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْهُ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ فَأَلْقُوهُ وَاعْلِفُوهُ الْإِبِلَ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يَخْرُجِ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ إِلَّا مَعَ صَاحِبٍ لَهُ» . فَفَعَلَ ذَلِكَ النَّاسُ وَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ، خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَةٍ فَأَصَابَهُ جُنُونٌ، وَأَمَّا الَّذِي طَلَبَ بِعِيرَهُ فَاحْتَمَلَهُ الرِّيحُ إِلَى جَبَلَيْ طَيِّئٍ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ إِلَّا مَعَ صَاحِبٍ لَهُ» ؟ فَأَمَّا الَّذِي خُنِقَ فَدَعَا لَهُ فَشُفِيَ، وَأَمَّا الَّذِي حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فَأَهْدَتْهُ طَيِّئٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَ عَوْدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَصْبَحَ النَّاسُ بِالْحِجْرِ وَلَا مَاءَ مَعَهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا اللَّهَ، فَأَرْسَلَ سَحَابَةً فَأَمْطَرَتْ حَتَّى رُوِيَ النَّاسُ.

وَكَانَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا جَاءَ الْمَطَرُ قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: هَلْ بَعُدَ هَذَا الشَّيْءُ؟ قَالَ: سَحَابَةٌ مَارَّةٌ.

وَضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ، وَفِيهِمْ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ، وَهُوَ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُخْبِرُكُمُ الْخَبَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهِيَ فِي الْوَادِي فِي شِعْبِ كَذَا، قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا، فَانْطَلَقُوا فَأَتَوْهُ بِهَا، فَرَجَعَ عُمَارَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَخَبَّرَهُمْ بِمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>