عَلَيْهِ بَعْضُ الْجُنْدِ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ، وَخَرَجَ وَهُوَ يَصِيحُ: الْجِهَادَ، فَقُتِلَ، وَبَقِيَ مُلْقًى فِي خَرِبَةٍ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَقْرَبْهُ ذُو نَابٍ وَلَا مِخْلَبٍ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَهَرَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ تُونِسَ لَمَّا مُلِكَتْ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ زِيَادَةُ اللَّهِ فَعَادُوا إِلَيْهَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَادَ الْمَأْمُونُ إِلَى سَلَغُوسَ، وَوَجَّهَ ابْنَهُ الْعَبَّاسَ إِلَى طُوَانَةَ وَأَمَرَهُ بِبِنَائِهَا، وَكَانَ قَدْ وَجَّهَ الْفَعَلَةَ، فَابْتَدَؤُوا فِي بِنَائِهَا مِيلًا فِي مِيلٍ، وَجَعَلَ سُورَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ، وَجَعَلَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ وَجَعَلَ عَلَى كُلِّ بَابٍ حِصْنًا، وَكَتَبَ إِلَى الْبُلْدَانِ لِيَفْرِضُوا عَلَى كُلِّ بَلَدٍ جَمَاعَةً يَنْتَقِلُونَ إِلَى طُوَانَةَ، وَأَجْرَى لَهُمْ لِكُلِّ فَارِسٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَلِكُلِّ رَاجِلٍ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيُّ، وَكَانَ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَالْإِرْجَاءِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِدَعِ.
وَفِيهَا دَخَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، وَهَمَذَانَ، وَأَصْبَهَانَ، وَمَاسَبَذَانَ، وَغَيْرِهَا، فِي دِينِ الْخُرَّمِيَّةِ، وَتَجَمَّعُوا، فَعَسْكَرُوا فِي عَمَلِ هَمَذَانَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمُ الْمُعْتَصِمُ الْعَسَاكِرَ، وَكَانَ فِيهِمْ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُصْعَبٍ، وَعُقِدَ لَهُ عَلَى الْجِبَالِ فِي شَوَّالَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ فِي أَعْمَالِ هَمَذَانَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ سِتِّينَ أَلْفًا، وَهَرَبَ الْبَاقُونَ إِلَى بَلَدِ الرُّومِ، وَقُرِئَ كِتَابُهُ بِالْفَتْحِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute