عِنْدَ رِضَاهُ، وَسَفَّرَ الْمَشَايِخَ بَيْنَهُمَا فَاصْطَلَحَا، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَسِيرَ الْحَسَنُ إِلَى قِرْوَاشٍ شِبْهَ الْمُحَارِبِ، وَيَخْرُجَ هُوَ وَقُرَادٌ لِقِتَالِهِ، فَإِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَادُوا جَمِيعًا عَلَى قُرَادٍ فَأَخَذُوهُ، فَسَارَ الْحَسَنُ وَخَرَجَ قِرْوَاشٌ وَقُرَادٌ لِقِتَالِهِ.
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ جَاءَ بَعْضُ أَصْحَابِ قُرَادٍ إِلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ الْحَالَ، فَهَرَبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، وَتَبِعَهُ قِرْوَاشٌ وَالْحَسَنُ فَلَمْ يُدْرِكَاهُ، وَعَادَ قِرْوَاشٌ إِلَى بَيْتِ قُرَادٍ فَأَخَذَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ قِرْوَاشٍ، وَهِيَ بِحَالِهَا، وَسَارَ قِرْوَاشٌ إِلَى الْكُوفَةِ، فَأَوْقَعَ بِخَفَاجَةَ عِنْدَهَا وَقْعَةً عَظِيمَةً، فَسَارُوا بَعْدَهَا إِلَى الشَّامِ، فَأَقَامُوا هُنَاكَ حَتَّى أَحْضَرَهُمْ (أَبُو جَعْفَرٍ) الْحَجَّاجُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ذِكْرُ الْبَيْعَةِ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، أَمَرَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ بِالْبَيْعَةِ لِوَلَدِهِ أَبِي الْفَضْلِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ، وَأَحْضَرَ حُجَّاجَ خُرَاسَانَ وَأَعْلَمَهُمْ ذَلِكَ، وَلَقَّبَهُ الْغَالِبَ بِاللَّهِ.
وَكَانَ سَبَبُ الْبَيْعَةِ لَهُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ الْوَاثِقِيَّ، مِنْ وَلَدِ الْوَاثِقِ بِاللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، فَقَصَدَ بَغْدَاذَ، ثُمَّ سَارَ عَنْهَا إِلَى خُرَاسَانَ، وَعَبَرَ النَّهْرَ إِلَى هَارُونَ بْنِ أَيْلَكَ بَغْرَاخَاقَانَ، وَصَحِبَهُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَضْلِ التَّمِيمِيُّ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى هَارُونَ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعَةِ لِهَذَا الْوَاثِقِيِّ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ عَهْدٍ، فَأَجَابَهُ خَاقَانُ إِلَى ذَلِكَ، وَبَايَعَ لَهُ وَخَطَبَ لَهُ بِبِلَادِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الْقَادِرَ بِاللَّهِ، فَعَظُمَ عَلَيْهِ، وَرَاسَلَ خَاقَانَ فِي مَعْنَاهُ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَى رِسَالَتِهِ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ هَارُونُ خَاقَانُ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ أَحْمَدُ قُرَّاخَاقَانُ، كَاتَبَهُ الْخَلِيفَةُ فِي مَعْنَاهُ، فَأَمَرَ بِإِبْعَادِهِ، فَحِينَئِذٍ بَايَعَ الْخَلِيفَةُ لِوَلَدِهِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ.
وَأَمَّا الْوَاثِقِيُّ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ قُرَّاخَاقَانَ وَقَصَدَ بَغْدَاذَ فَعُرِفَ بِهَا وَطُلِبَ، فَهَرَبَ مِنْهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، ثُمَّ إِلَى فَارِسَ وَكَرْمَانَ، ثُمَّ إِلَى بِلَادِ التُّرْكِ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute