أَرَادَ، وَرَاسَلَ الْخَلِيفَةُ الْمُلُوكَ يَطْلُبُهُ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ، وَسَارَ إِلَى خُوَارَزْمَ وَأَقَامَ بِهَا، ثُمَّ فَارَقَهَا، فَأَخَذَهُ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ فَحَبَسَهُ (فِي قَلْعَةٍ) إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ طَاهِرِ بْنِ خَلَفٍ عَلَى كَرْمَانَ وَعَوْدِهِ عَنْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ طَاهِرُ بْنُ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ، صَاحِبُ سِجِسْتَانَ، إِلَى كَرْمَانَ طَالِبًا مُلْكَهَا.
وَكَانَ سَبَبُ مَسِيرِهِ إِلَيْهَا أَنَّهُ كَانَ قَدْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ أَبِيهِ، وَجَرَى بَيْنَهُمَا حُرُوبٌ كَانَ الظَّفَرُ فِيهَا لِأَبِيهِ، فَفَارَقَ سِجِسْتَانَ وَسَارَ إِلَى كَرْمَانَ، وَبِهَا عَسْكَرُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَهِيَ لَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَاجْتَمَعَ مَنْ بِهَا مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ (وَمُتَوَلِّي أَمْرِ الْبِلَادِ، هُوَ أَبُو مُوسَى سَيَاهَجِيلُ) ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَصَلَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالرَّأْيُ أَنْ تُبَادِرَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْوَى أَمْرُهُ وَيَكْثُرَ جَمْعُهُ. فَلَمْ يَفْعَلْ وَاسْتَهَانَ بِهِ، فَكَثُرَ جَمْعُ طَاهِرٍ، وَصَعِدَ إِلَى الْجِبَالِ، وَبِهَا قَوْمٌ مِنَ الْعُصَاةِ عَلَى السُّلْطَانِ، فَاحْتَمَى بِهِمْ وَقَوِيَ، فَنَزَلَ إِلَى جِيرُفْتَ فَمَلَكَهَا وَمَلَكَ غَيْرَهَا، وَقَوِيَ طَمَعُهُ فِي الْبَاقِي.
فَقَصَدَهُ أَبُو مُوسَى وَالدَّيْلَمُ، فَهَزَمَهُمْ، وَأَخَذَ بَعْضَ مَا بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ، فَكَاتَبُوا بَهَاءَ الدَّوْلَةِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا عَلَيْهِمْ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أُسْتَاذِ هُرْمُزَ، فَسَارَ إِلَى كَرْمَانَ، وَقَصَدَ بَمَّ، وَبِهَا طَاهِرٌ، فَجَرَى بَيْنَ طَلَائِعِ الْعَسْكَرَيْنِ حَرْبٌ، وَعَادَ طَاهِرٌ إِلَى سِجِسْتَانَ، وَفَارَقَ كَرْمَانَ، فَلَمَّا بَلَغَ سِجِسْتَانَ أَطْلَقَ الْمَأْسُورِينَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى قِتَالِ أَبِيهِ مَعَهُ، وَحَلَفَ لَهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا نَصَرُوهُ وَقَاتَلُوا مَعَهُ أَطْلَقَهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَقَاتَلَ أَبَاهُ، فَهَزَمَهُ وَمَلَكَ طَاهِرٌ الْبِلَادَ وَدَخَلَ أَبُوهُ إِلَى حِصْنٍ لَهُ مَنِيعٍ فَاحْتَمَى بِهِ.
وَأَحَبَّ النَّاسُ طَاهِرًا لِحُسْنِ سِيرَتِهِ، وَسُوءِ سِيرَةِ وَالِدِهِ، وَأَطْلَقَ طَاهِرٌ الدَّيْلَمَ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute