شَرْمِزَنَّ فَقَوِيَ بِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ جِسْتَانُ وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَا الْمَرْزُبَانِ قَاصِدِينَ قِتَالَهُمْ، فَلَمَّا الْتَقَوُا، انْهَزَمَ أَصْحَابُ الْمُسْتَجِيرِ، وَأُخِذَ أَسِيرًا فَعُدِمَ، فَقِيلَ: إِنَّهُ قُتِلَ، وَقِيلَ: بَلْ مَاتَ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ وَهْسُوذَانَ عَلَى بَنِي أَخِيهِ وَقَتْلِهِمْ
وَأَمَّا وَهْسُوذَانُ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى اخْتِلَافَ أَوْلَادِ أَخِيهِ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدِ انْطَوَى عَلَى غِشِّ صَاحِبِهِ، رَاسَلَ إِبْرَاهِيمَ بَعْدَ وَقْعَةِ الْمُسْتَجِيرِ، وَاسْتَزَارَهُ فَزَارَهُ، فَأَكْرَمَهُ عَمُّهُ، وَوَصَلَهُ بِمَا مَلَأَ عَيْنَهُ، وَكَاتَبَ نَاصِرًا وَلَدَ أَخِيهِ أَيْضًا، وَاسْتَغْوَاهُ، فَفَارَقَ أَخَاهُ جِسْتَانَ وَصَارَ إِلَى مُوقَانَ، فَوَجَدَهُ الْجُنْدُ طَرِيقًا إِلَى تَحْصِيلِ الْأَمْوَالِ، فَفَارَقَ أَكْثَرُهُمْ جِسْتَانَ وَصَارُوا إِلَى أَخِيهِ نَاصِرٍ، فَقَوِيَ بِهِمْ عَلَى أَخِيهِ جِسْتَانَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى أَرْدَبِيلَ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَجْنَادَ طَالَبُوا نَاصِرًا بِالْأَمْوَالِ، فَعَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، وَقَعَدَ عَمُّهُ وَهْسُوذَانُ عَنْ نُصْرَتِهِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَغْوِيهِ، فَرَاسَلَ أَخَاهُ جِسْتَانَ، وَتَصَالَحَا وَاجْتَمَعَا، (وَهُمَا فِي) غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنْ قِلَّةِ الْأَمْوَالِ وَاضْطِرَابِ الْأُمُورِ، وَتَغَلَّبَ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَاضْطُرَّ جِسْتَانُ وَنَاصِرٌ ابْنَا الْمَرْزُبَانِ إِلَى الْمَسِيرِ إِلَى عَمِّهِمَا وَهْسُوذَانَ مَعَ وَالِدَتِهِمَا، فَرَاسَلَاهُ فِي ذَلِكَ، وَأَخَذَا عَلَيْهِ الْعُهُودَ وَسَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا حَصَلُوا عِنْدَهُ نَكَثَ، وَغَدَرَ بِهِمْ، وَقَبَضَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ جِسْتَانُ وَنَاصِرٌ وَوَالِدَتُهُمَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْعَسْكَرِ، وَعَقَدَ الْإِمَارَةَ لِابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ أَكْثَرَ قِلَاعِهِ، وَأَخْرَجَ الْأَمْوَالَ وَأَرْضَى الْجُنْدَ.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَدْ سَارَ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، فَتَأَهَّبَ لِمُنَازَعَةِ إِسْمَاعِيلَ وَاسْتِنْفَاذِ أَخَوَيْهِ مِنْ حَبْسِ عَمِّهِمَا وَهْسُوذَانَ، فَلَمَّا عَلِمَ وَهْسُوذَانُ ذَلِكَ وَرَأَى اجْتِمَاعَ النَّاسِ عَلَيْهِ، بَادَرَ فَقَتَلَ جِسْتَانَ وَنَاصِرًا ابْنَيْ أَخِيهِ وَأُمَّهُمَا، وَكَاتَبَ جِسْتَانَ بْنَ شَرْمِزَنَّ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَقْصِدَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَمَدَّهُ بِالْجُنْدِ وَالْمَالِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَاضْطُرَّ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْهَرَبِ وَالْعَوْدِ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، وَاسْتَوْلَى ابْنُ شَرْمِزَنَّ عَلَى عَسْكَرِهِ وَعَلَى مَدِينَةِ مَرَاغَةَ مَعَ أُرْمِيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute