ذِكْرُ غَزْوِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِلَادَ الرُّومِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِلَادَ الرُّومِ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَأَثَّرَ فِيهَا آثَارًا كَثِيرَةً، وَأَحْرَقَ وَفَتَحَ عِدَّةَ حُصُونٍ، وَأَخَذَ مِنَ السَّبْيِ وَالْغَنَائِمِ وَالْأَسْرَى شَيْئًا كَثِيرًا، وَبَلَغَ إِلَى خَرْشَنَةَ، ثُمَّ إِنَّ الرُّومَ أَخَذُوا عَلَيْهِ الْمَضَايِقَ، فَلَمَّا أَرَادَ الرُّجُوعَ، قَالَ لَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ طَرَسُوسَ: إِنَّ الرُّومَ قَدْ مَلَكُوا الدَّرْبَ خَلْفَ ظَهْرِكَ، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْعَوْدِ مِنْهُ وَالرَّأْيُ أَنْ تَرْجِعَ مَعَنَا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ وَكَانَ مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ يُحِبُّ أَنْ يَسْتَبِدَّ وَلَا يُشَاوِرَ أَحَدًا ; لِئَلَّا يُقَالَ إِنَّهُ أَصَابَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ وَعَادَ فِي الدَّرْبِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ، فَظَهَرَ الرُّومُ عَلَيْهِ وَاسْتَرَدُّوا مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْغَنَائِمِ، (وَأَخَذُوا أَثْقَالَهُ) ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِي أَصْحَابِهِ فَأَتَوْا عَلَيْهِمْ قَتْلًا وَأَسْرًا، وَتَخَلَّصَ هُوَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ بَعْدَ جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ، (وَهَذَا مِنْ سُوءِ رَأْيِ كُلِّ مَنْ يَجْهَلُ آرَاءَ النَّاسِ الْعُقَلَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نُوحٍ صَاحِبُ خُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَكَابِرِ قُوَّادِهِ وَأُمَرَائِهِ يُسَمَّى نَجْتَكِينَ، وَقَتَلَهُ، فَاضْطَرَبَتْ خُرَاسَانُ.
وَفِيهَا اسْتَأْمَنَ أَبُو الْفَتْحِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعُرْبَانِ، أَخُو عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ صَاحِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute