يُنْكِرُ عَلَى جَلَالِ الدِّينِ مَا يَفْعَلُهُ عَسْكَرُهُ مِنَ النَّهْبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الشَّرِّ.
فَلَمَّا قُتِلَ ذَلِكَ الْأَمِيرُ، عَظُمَ قَتْلُهُ عَلَى جَلَالِ الدِّينِ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَسَارَ فِي عَسَاكِرِهِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، مِنْ حُدُودِ أَلَمُوتَ إِلَى كَرْدَكُوهْ بِخُرَاسَانَ، فَخَرَّبَ الْجَمِيعَ، وَقَتَلَ أَهْلَهَا، وَنَهَبَ الْأَمْوَالَ، وَسَبَى الْحَرِيمَ، وَاسْتَرَقَّ الْأَوْلَادَ، وَقَتَلَ الرِّجَالَ، وَعَمِلَ بِهِمُ الْأَعْمَالَ الْعَظِيمَةَ، وَانْتَقَمَ مِنْهُمْ، وَكَانُوا قَدْ عَظُمَ شَرُّهُمْ وَازْدَادَ ضُرُّهُمْ، وَطَمِعُوا مُذْ خَرَجَ التَّتَرُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْآنِ، فَكَفَّ عَادِيَّتَهُمْ وَقَمَعَهُمْ، وَلَقَّاهُمُ اللَّهُ مَا عَمِلُوا بِالْمُسْلِمِينَ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ جَلَالِ الدِّينِ والتَّتَرِ.
لَمَّا فَرَغَ جَلَالُ الدِّينِ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، بَلَغَهُ الْخَبَرُ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ التَّتَرِ عَظِيمَةً قَدْ بَلَغُوا إِلَى دَامِغَانَ بِالْقُرْبِ مِنَ الرَّيِّ، عَازِمِينَ عَلَى قَصْدِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَحَارَبَهُمْ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، فَانْهَزَمُوا مِنْهُ، فَأَوْسَعَهُمْ قَتْلًا، وَتَبِعَ الْمُنْهَزِمِينَ عِدَّةَ أَيَّامٍ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ قَدْ أَقَامَ بِنَوَاحِي الرَّيِّ خَوْفًا مِنْ جَمْعٍ آخَرَ لِلتَّتَرِ، إِذْ أَتَاهُ الْخَبَرُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ وَاصِلُونَ إِلَيْهِ، فَأَقَامَ يَنْتَظِرُهُمْ، وَسَنَذْكُرُ خَبَرَهُمْ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
ذِكْرُ دُخُولِ الْعَسَاكِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ إِلَى أَذْرَيِيجَانَ وَمُلْكِ بَعْضِهَا.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ، سَارَ الْحَاجِبُ عَلِيٌّ حُسَامُ الدِّينِ، وَهُوَ النَّائِبُ عَنِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ بِخِلَاطَ، وَالْمُقَدَّمِ عَلَى عَسَاكِرِهَا، إِلَى بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَيمَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسَاكِرِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سِيرَةَ جَلَالِ الدِّينِ كَانَتْ جَائِرَةً، وَعَسَاكِرُهُ طَامِعَةٌ فِي الرَّعَايَا، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ ابْنَةُ السُّلْطَانِ طُغْرُلَ السَّلْجُوقِيِّ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةَ أُوزْبَكَ بْنِ الْبَهْلَوَانِ صَاحِبِ أَذْرَبِيجَانَ، فَتَزَوَّجَهَا جَلَالُ الدِّينِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ، وَكَانَتْ مَعَ أُوزْبَكَ تَحْكُمُ فِي الْبِلَادِ جَمِيعِهَا، لَيْسَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مَعَهَا حُكْمٌ.
فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا جَلَالُ الدِّينِ، أَهْمَلَهَا وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَخَافَتْهُ مَعَ مَا حُرِمَتْهُ مِنَ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَأَرْسَلَتْ هِيَ وَأَهْلُ خُوَيٍّ إِلَى حُسَامِ الدِّينِ الْحَاجِبِ يَسْتَدْعُونَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute