الْجَوْزِيِّ الْحَنْبَلِيُّ الْوَاعِظُ بِبَغْدَادَ، وَتَصَانِيفُهُ مَشْهُورَةٌ، وَكَانَ كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي النَّاسِ لَا سِيَّمَا فِي الْعُلَمَاءِ الْمُخَالِفِينَ لِمَذْهَبِهِ وَالْمُوَافِقِينَ لَهُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَفِيهَا أَيْضًا تُوُفِّيَ عِيسَى بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ الشَّاعِرُ، وَكَانَ حَسَنَ الشِّعْرِ، وَلَهُ أَدَبٌ وَفَضْلٌ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِبَغْدَادَ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْعِمَادُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَلَّةَ، أَوَّلُهُ بِاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، وَهُوَ الْعِمَادُ الْكَاتِبُ الْأَصْفَهَانِيُّ، كَتَبَ لِنُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زِنْكِي وَلِصَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَكَانَ كَاتِبًا مُفْلِقًا، قَادِرًا عَلَى الْقَوْلِ.
وَفِيهَا جَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ الْمُتَغَلِّبُ عَلَى جِبَالِ الْيَمَنِ جُمُوعًا كَثِيرَةً فِيهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَمِنَ الرَّجَّالَةِ مَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً، وَكَانَ قَدِ انْضَافَ إِلَيْهِ مِنْ جُنْدِ الْمُعِزِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَيْفِ الْإِسْلَامِ طُغْدِكِينُ بْنُ أَيُّوبَ، صَاحِبُ الْيَمَنِ، خَوْفًا مِنْهُ، وَأَيْقَنُوا بِمُلْكِ الْبِلَادِ، وَاقْتَسَمُوهَا، وَخَافَهُمُ ابْنُ سَيْفِ الْإِسْلَامِ خَوْفًا عَظِيمًا، فَاجْتَمَعَ قُوَّادُ عَسْكَرِ ابْنِ حَمْزَةَ لَيْلًا لِيَتَّفِقُوا عَلَى رَأْيٍ يَكُونُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ قَائِدًا فَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ صَاعِقَةٌ أَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعَهُمْ، فَأَتَى الْخَبَرُ ابْنَ سَيْفِ الْإِسْلَامِ فِي بَاقِي اللَّيْلَةِ بِذَلِكَ، فَصَارَ إِلَيْهِمْ مُجِدًّا فَأَوْقَعَ بِالْعَسْكَرِ الْمُجْتَمِعِ، فَلَمْ يَثْبُتُوا لَهُ، وَانْهَزَمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَوَضَعَ السَّيْفَ فِيهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ سِتَّةَ آلَافِ قَتِيلٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَثَبَتَ مُلْكُهُ وَاسْتَقَرَّ بِتِلْكَ الْأَرْضِ.
وَفِيهَا وَقَعَ فِي بَنِي عَنَزَةَ بِأَرْضِ الشَّرَاةِ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ، وَبَاءٌ عَظِيمٌ، وَكَانُوا يَسْكُنُونَ فِي عِشْرِينَ قَرْيَةً، فَوَقَعَ الْوَبَاءُ فِي ثَمَانِيَ عَشْرَةَ قَرْيَةً، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَكَانَ الْإِنْسَانُ إِذَا قَرُبَ مِنْ تِلْكَ الْقُرَى يَمُوتُ سَاعَةَ مَا يُقَارِبُهَا، فَتَحَامَاهَا النَّاسُ، وَبَقِيَتْ إِبِلُهُمْ وَأَغْنَامُهُمْ لَا مَانِعَ لَهَا، وَأَمَّا الْقَرْيَتَانِ الْأُخْرَيَانِ فَلَمْ يَمُتْ فِيهِمَا أَحَدٌ، وَلَا أَحَسُّوا بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ أُولَئِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute