نَزَلَ فَصَاحَ بِأَصْحَابِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الْمِسْوِرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَاتَلَا حَتَّى قُتِلَا جَمِيعًا، وَضَارَبَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى اللَّيْلِ ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ.
هَذَا فِي الْحَصْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَقَامُوا عَلَيْهِ يُقَاتِلُونَهُ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرَ كُلَّهُ حَتَّى إِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ رَمَوُا الْبَيْتَ بِالْمَجَانِيقِ وَحَرَقُوهُ بِالنَّارِ وَأَخَذُوا يَرْتَجِزُونَ وَيَقُولُونَ:
خَطَّارَةٌ مِثْلُ الْفَنِيقِ الْمُزْبِدِ ... نَرْمِي بِهَا أَعْوَادَ هَذَا الْمَسْجِدِ
وَقِيلَ: إِنَّ الْكَعْبَةَ احْتَرَقَتْ مِنْ نَارٍ كَانَ يُوقِدُهَا أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَأَقْبَلَتْ شَرَرَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ فَاحْتَرَقَتْ ثِيَابُ الْكَعْبَةِ وَاحْتَرَقَ خَشَبُ الْبَيْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، (لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ تَرَكَ الْكَعْبَةَ لِيَرَاهَا النَّاسُ مُحْتَرِقَةً يُحَرِّضُهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ) .
وَأَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ يُحَاصِرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى بَلَغَهُمْ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْآخَرِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِحُوَّارِينَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً (فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَقِيلَ: تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ) ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَكَانَ عُمُرُهُ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَأُمُّهُ مَيْسُونُ بِنْتُ بِحَدْلِ بْنِ أُنَيْفٍ الْكَلْبِيَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute