للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ الْحَنَفِيُّ تَأْتِيهِ أَمْدَادُ تَمِيمٍ، فَلَمَّا حَدَثَ هَذَا الْحَدَثُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِثُمَامَةَ، وَكَانَ مُقَاتِلًا لِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ بِبِلَادِ تَمِيمٍ مُسْلِمِهِمْ بِإِزَاءِ مَنْ أَرَادَ الرِّدَّةَ وَارْتَابَ - إِذْ جَاءَتْهُمْ سَجَاحُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ عُقْفَانَ التَّمِيمِيَّةُ، قَدْ أَقْبَلَتْ مِنَ الْجَزِيرَةِ، وَادَّعَتِ النُّبُوَّةَ، وَكَانَ وَرَهْطُهَا فِي أَخْوَالِهَا مِنْ تَغْلِبَ تَقُودُ أَفَنَاءَ رَبِيعَةَ، مَعَهَا الْهُذَيْلُ بْنُ عِمْرَانَ فِي بَنِي تَغْلِبَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَتَرَكَ دِينَهُ وَتَبِعَهَا، وَعَقَّةُ بْنُ هِلَالٍ فِي النَّمِرِ، وَتَادُ بْنُ فُلَانٍ فِي إِيَادٍ، وَالسَّلِيلُ بْنُ قَيْسٍ فِي شَيْبَانَ، فَأَتَاهُمْ أَمْرٌ أَعْظَمُ مِمَّا هُمْ فِيهِ لِاخْتِلَافِهِمْ.

وَكَانَتْ سَجَاحُ تُرِيدُ غَزْوَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ تَطْلُبُ الْمُوَادَعَةَ، فَأَجَابَهَا وَرَدَّهَا عَنْ غَزْوِهَا، وَحَمَلَهَا عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَجَابَتْهُ وَقَالَتْ: أَنَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، فَإِنْ كَانَ مُلْكٌ فَهُوَ لَكُمْ. وَهَرَبَ مِنْهَا عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ، وَسَادَةُ بَنِي مَالِكٍ، وَحَنْظَلَةُ - إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ، وَكَرِهُوا مَا صَنَعَ وَكِيعٌ، وَكَانَ قَدْ وَادَعَهَا، وَهَرَبَ مِنْهَا أَشْبَاهُهُمْ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، وَكَرِهُوا مَا صَنَعَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَاجْتَمَعَ مَالِكٌ وَوَكِيعٌ وَسَجَاحُ فَسَجَعَتْ لَهُمْ سَجَاحُ وَقَالَتْ: " أَعِدُّوا الرِّكَابْ، وَاسْتَعِدُّوا لِلنِّهَابْ، ثُمَّ أَغِيرُوا عَلَى الرِّبَابْ، فَلَيْسَ دُونَهُمْ حِجَابْ ". فَسَارُوا إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُمْ ضَبَّةُ وَعَبْدُ مَنَاةٍ، فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ قَتْلَى كَثِيرَةٌ، وَأُسِرَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ تَصَالَحُوا، وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ شِعْرًا ظَهَرَ فِيهِ نَدَمُهُ عَلَى تَخَلُّفِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِصَدَقَتِهِ.

ثُمَّ سَارَتْ سَجَاحُ فِي جُنُودِ الْجَزِيرَةِ حَتَّى بَلَغَتِ النِّبَاجَ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ أَوْسُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْهُجَيْمِيُّ فِي بَنِي عَمْرٍو، فَأَسَرَ الْهُذَيْلَ وَعَقَّةَ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يُطْلِقَ أَسْرَى سَجَاحَ، وَلَا يَطَأَ أَرْضَ أَوْسٍ وَمَنْ مَعَهُ.

ثُمَّ خَرَجَتْ سَجَاحُ فِي الْجُنُودِ وَقَصَدَتِ الْيَمَامَةَ، وَقَالَتْ: عَلَيْكُمْ بِالْيَمَامَهْ، وَدُفُّوا دَفِيفَ الْحَمَامَهْ، فَإِنَّهَا غَزْوَةٌ صَرَّامَهْ، لَا يَلْحَقُكُمْ بَعْدَهَا مَلَامَهْ. فَقَصَدَتْ بَنِي حَنِيفَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُسَيْلِمَةَ، فَخَافَ إِنْ هُوَ شُغِلَ بِهَا أَنْ يَغْلِبَ ثُمَامَةُ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ وَالْقَبَائِلُ التى حَوْلَهُمْ عَلَى حَجْرٍ، وَهِيَ الْيَمَامَةُ، فَأَهْدَى لَهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ يَسْتَأْمِنُهَا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَأْتِيَهَا، فَآمَنَتْهُ، فَجَاءَهَا فِي أَرْبَعِينَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ مُسَيْلِمَةُ: لَنَا نِصْفُ الْأَرْضِ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>