الرَّجَّالَةُ، وَاقْتَحَمُوا فِي خَنْدَقِهِمْ، فَاقْتَحَمَهُ عَلَيْهِمْ، فَعَمَدُوا إِلَى الْوَاقُوصَةِ حَتَّى هَوَى فِيهَا الْمُقْتَرِنُونَ وَغَيْرُهُمْ، ثَمَانُونَ أَلْفًا مِنَ الْمُقْتَرِنِينَ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ مُطْلَقٍ، سِوَى مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَتَجَلَّلَ الْفَيْقَارُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ بَرَانِسَهُمْ وَجَلَسُوا، فَقُتِلُوا مُتَزَمِّلِينَ. وَدَخَلَ خَالِدٌ الْخَنْدَقَ وَنَزَلَ فِي رِوَاقِ تَذَارِقَ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا أُتِيَ خَالِدٌ بِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ جَرِيحًا، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِهِ، وَبِعَمْرِو بْنِ عِكْرِمَةَ فَجَعَلَ رَأَسَهُ عَلَى سَاقِهِ، وَمَسَحَ وُجُوهَهُمَا وَقَطَّرَ فِي حُلُوقِهِمَا الْمَاءَ، وَقَالَ: زَعَمَ ابْنُ حَنْتَمَةَ - يَعْنِي عُمَرَ - أَنَّا لَا نُسْتَشْهَدُ! وَقَاتَلَ النِّسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَأَبْلَيْنَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بِالْيَرْمُوكِ وَأَنَا صَبِيٌّ لَا أُقَاتِلُ، فَلَمَّا اقْتَتَلَ النَّاسُ نَظَرْتُ إِلَى نَاسٍ عَلَى تَلٍّ لَا يُقَاتِلُونَ، فَرَكِبْتُ وَذَهَبْتُ إِلَيْهِمْ وَإِذْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَمَشْيَخَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجَرَةِ الْفَتْحِ، فَرَأَوْنِي حَدَثًا فَلَمْ يَتَّقُونِي، قَالَ: فَجَعَلُوا وَاللَّهِ إِذَا مَالَ الْمُسْلِمُونَ وَرَكِبَتْهُمُ الرُّومُ يَقُولُونَ: إِيهِ بَنِي الْأَصْفَرِ! فَإِذَا مَالَتِ الرُّومُ وَرَكِبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ: وَيْحَ بَنِي الْأَصْفَرِ! فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الرُّومَ أَخْبَرْتُ أَبِي فَضْحِكَ فَقَالَ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ! أَبَوْا إِلَّا ضِغْنًا، لَنَحْنُ خَيْرٌ لَهُمْ مِنَ الرُّومِ!
وَفِي الْيَرْمُوكِ أُصِيبَتْ عَيْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ.
وَلَمَّا انْهَزَمَتِ الرُّومُ كَانَ هِرَقْلَ بِحِمْصَ، فَنَادَى بِالرَّحِيلِ عَنْهَا قَرِيبًا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا أَمِيرًا كَمَا أَمَّرَ عَلَى دِمَشْقَ. وَكَانَ مَنْ أُصِيبُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، مِنْهُمْ عِكْرِمَةُ وَابْنُهُ عَمْرٌو، وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجُنْدُبُ بْنُ عَمْرٍو، وَالطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَطُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، وَعِيَاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ.
(عِيَاشٌ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ) .
وَفِيهَا قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيُّ، وَهُوَ مِنْ مُهَاجَرَةِ الْحَبَشَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute