ذِكْرُ الْخِطْبَةِ بِالْعِرَاقِ لِلْعَلَوِيِّ الْمِصْرِيِّ وَمَا كَانَ إِلَى قَتْلِ الْبَسَاسِيرِيِّ
لَمَّا عَادَ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالُ إِلَى هَمَذَانَ (سَارَ طُغْرُلْبَك خَلْفَهُ) ، وَرَدَّ وَزِيرَهُ عَمِيدَ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيَّ وَزَوْجَتَهُ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَكَانَ مَسِيرُهُ مِنْ نَصِيبِينَ مُنْتَصَفَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَوَصَلَ إِلَى هَمَذَانَ، وَتَحَصَّنَ بِالْبَلَدِ، وَقَاتَلَ أَهْلُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَاتُونِ زَوْجَتِهِ وَعَمِيدِ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيِّ يَأْمُرُهُمَا بِاللَّحَاقِ بِهِ، فَمَنَعَهُمَا الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ تَمَسُّكًا بِهِمَا، وَفَرَّقَ غِلَالًا كَثِيرَةً فِي النَّاسِ، وَسَارَ مَنْ كَانَ بِبَغْدَاذَ مِنَ الْأَتْرَاكِ إِلَى السُّلْطَانِ بِهَمَذَانَ، وَسَارَ عَمِيدُ الْمُلْكِ إِلَى دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ فَاحْتَرَمَهُ وَعَظَّمَهُ، ثُمَّ سَارَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى هَزَارَسْبَ وَسَارَتْ خَاتُونُ إِلَى السُّلْطَانِ بِهَمَذَانَ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ يَأْمُرُهُ بِالْوُصُولِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَوَرَدَ إِلَيْهَا فِي مِائَةِ فَارِسٍ، وَنَزَلَ فِي النَّجْمِيِّ ثُمَّ عَبَرَ إِلَى الْأَتَانِينَ.
وَقَوِيَ الْإِرْجَافُ بِوُصُولِ الْبَسَاسِيرِيِّ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْخَلِيفَةُ وُصُولَهُ إِلَى هِيتَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْعُبُورِ مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَأَرْسَلَ دُبَيْسُ بْنُ مَزْيَدٍ إِلَى الْخَلِيفَةِ وَإِلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ يَقُولُ: الرَّأْيُ عِنْدِي خُرُوجُكُمَا مِنَ الْبَلَدِ مَعِي، فَإِنَّنِي أَجْتَمِعُ أَنَا وَهَزَارَسْبُ - فَإِنَّهُ بِوَاسِطٍ - عَلَى دَفْعِ عَدُوِّكُمَا. فَأُجِيبَ ابْنُ مَزْيَدٍ بِأَنْ يُقِيمَ حَتَّى يَقَعَ الْفِكْرُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: الْعَرَبُ لَا تُطِيعُنِي عَلَى الْمُقَامِ، وَأَنَا أَتَقَدَّمُ إِلَى دَيَالَى، فَإِذَا انْحَدَرْتُمْ سِرْتُ فِي خِدْمَتِكُمْ. وَسَارَ وَأَقَامَ بِدَيَالَى يَنْتَظِرُهُمَا، فَلَمْ يَرَ لِذَلِكَ أَثَرًا، فَسَارَ إِلَى بِلَادِهِ.
ثُمَّ إِنَّ الْبَسَاسِيرِيَّ وَصَلَ إِلَى بَغْدَاذَ يَوْمَ الْأَحَدِ ثَامِنَ ذِي الْقَعْدَةِ، وَمَعَهُ أَرْبَعُمِائَةِ غُلَامٍ عَلَى غَايَةِ الضُّرِّ وَالْفَقْرِ، وَكَانَ مَعَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْوَزِيرُ، فَنَزَلَ الْبَسَاسِيرِيُّ بِمَشْرَعَةِ الرَّوَايَا، وَنَزَلَ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ، وَهُوَ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ، عِنْدَ مَشْرَعَةِ بَابِ الْبَصْرَةِ، وَرَكِبَ عَمِيدُ الْعِرَاقِ وَمَعَهُ الْعَسْكَرُ وَالْعَوَامُّ، وَأَقَامُوا بِإِزَاءِ عَسْكَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute