ذِكْرُ غَزْوَةِ كَوَاكِيرَ
ثُمَّ سَارَ عَنْهَا إِلَى قَلْعَةِ كَوَاكِيرَ، وَكَانَ صَاحِبُهَا يُعْرَفُ بِبِيدَا، وَكَانَ بِهَا سِتُّمِائَةِ صَنَمٍ، فَافْتَتَحَهَا وَأَحْرَقَ الْأَصْنَامَ، فَهَرَبَ صَاحِبُهَا إِلَى قَلْعَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ بِكَالَنْجَارَ، فَسَارَ خَلْفَهُ إِلَيْهَا، وَهُوَ حِصْنٌ كَبِيرٌ يَسَعُ خَمْسَمِائَةِ أَلْفَ إِنْسَانٍ، وَفِيهِ خَمْسُمِائَةِ فِيلٍ، وَعِشْرُونَ أَلْفَ دَابَّةٍ، وَفِي الْحِصْنِ مَا يَكْفِي الْجَمِيعَ مُدَّةً. فَلَمَّا قَارَبَهَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ بَقِيَ بَيْنَهُمَا سَبْعَةُ فَرَاسِخَ رَأَى مِنَ الْغِيَاضِ الْمَانِعَةِ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ مَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِقَطْعِهَا، وَرَأَى فِي الطَّرِيقِ وَادِيًا عَظِيمَ الْعُمْقِ، بَعِيدَ الْقَعْرِ، فَأَمَرَ أَنْ يُطَمَّ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ عِشْرِينَ فَارِسًا،، فَطَّمُوهُ بِالْجُلُودِ الْمَمْلُوءَةِ تُرَابًا، وَوَصَلَ إِلَى الْقَلْعَةِ فَحَصَرَهَا ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَرَاسَلَهُ صَاحِبُهَا فِي الصُّلْحِ فَلَمْ يُجِبْهُ.
ثُمَّ بَلَغَهُ عَنْ خُرَاسَانَ اخْتِلَافٌ بِسَبَبِ قَصْدِ أَيْلَكَ الْخَانِ لَهَا، فَصَالَحَ مَلِكَ الْهِنْدِ عَلَى خَمْسِمِائَةِ فِيلٍ، وَثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِسَ خِلْعَةَ يَمِينِ الدَّوْلَةِ بَعْدَ أَنِ اسْتَعْفَى مِنْ شَدِّ الْمِنْطَقَةِ، فَإِنَّهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَى ذَلِكَ، فَشَدَّ الْمِنْطَقَةَ، وَقَطَعَ إِصْبَعَهُ الْخِنْصَرَ وَأَنْفَذَهَا إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ تَوْثِقَةً فِيمَا يَعْتَقِدُونَهُ، وَعَادَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَى خُرَاسَانَ لِإِصْلَاحِ مَا اخْتُلِفَ فِيهَا، وَكَانَ عَازِمًا عَلَى الْوُغُولِ فِي بِلَادِ الْهِنْدِ.
ذِكْرُ عُبُورِ عَسْكَرِ أَيْلَكَ الْخَانِ إِلَى خُرَاسَانَ
كَانَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ لَمَّا اسْتَقَرَّ لَهُ مُلْكُ خُرَاسَانَ، وَمَلَكَ أَيْلِكُ الْخَانُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، قَدْ رَاسَلَهُ وَوَافَقَهُ، وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ وَانْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُصَاهَرَةٌ وَمُصَالَحَةٌ، فَلَمْ تَزَلِ السَّعَادَةُ حَتَّى أَفْسَدُوا ذَاتَ بَيْنِهِمَا، وَكَتَمَ أَيْلَكُ الْخَانُ مَا فِي نَفْسِهِ، فَلَمَّا سَارَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْمُولْتَانِ اغْتَنَمَ أَيْلَكُ الْخَانُ خُلُوَّ خُرَاسَانَ، فَسَيَّرَ سَبَاشِي تِكِينَ، صَاحِبَ جَيْشِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، إِلَى خُرَاسَانَ فِي مُعْظَمِ جُنْدِهِ، وَسَيَّرَ أَخَاهُ جَعْفَرَ تِكِينَ إِلَى بَلْخَ فِي عِدَّةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute