وَكَانَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ قَدْ جَعَلَ بِهَرَاةَ أَمِيرًا مِنْ أَكَابِرِ أُمَرَائِهِ يُقَالُ لَهُ: أَرْسِلَانُ الْجَاذِبُ. فَأَمَرُهُ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مُخَالِفٌ أَنْ يَنْحَازَ إِلَى غَزْنَةَ. فَلَمَّا عَبَرَ سَبَاشِي تِكِينُ إِلَى خُرَاسَانَ سَارَ أَرْسِلَانُ إِلَى غَزْنَةَ، وَمَلَكَ سَبَاشِي هَرَاةَ وَأَقَامَ بِهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى نَيْسَابُورَ مَنِ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا. وَاتَّصَلَتِ الْأَخْبَارُ بِيَمِينِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ بِالْهِنْدِ، فَرَجَعَ إِلَى غَزْنَةَ لَا يَلْوِي عَلَى دَارٍ، وَلَا يَرَكَنُ إِلَى قَرَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَهَا فَرَّقَ فِي عَسَاكِرِهِ الْأَمْوَالَ، وَقَوَّاهُمْ، وَأَصْلَحَ مَا أَرَادَ إِصْلَاحَهُ، وَاسْتَمَدَّ الْأَتْرَاكَ الْخُلَّجِيَّةَ، فَجَاءَهُ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَسَارَ بِهِمْ نَحْوَ بَلْخَ، وَبِهَا جَعْفَرٌ تِكِينُ أَخُو أَيْلَكَ الْخَانِ، فَعَبَرَ إِلَى تِرْمِذَ، وَنَزَلَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ بِبَلْخَ، وَسَيَّرَ الْعَسَاكِرَ إِلَى سَبَاشِي تِكِينَ بِهَرَاةَ، فَلَمَّا قَارَبُوهُ سَارَ نَحْوَ مَرْوَ لِيَعْبُرَ النَّهْرَ، فَلَقِيَهُ التُّرْكُمَانُ الْغُزِّيَّةُ، فَقَاتَلُوهُ فَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً.
ثُمَّ سَارَ نَحْوَ أَبِيوَرْدَ لِتَعَذُّرِ الْعُبُورِ عَلَيْهِ، فَتَبِعَهُ عَسْكَرُ يَمِينِ الدَّوْلَةِ، كُلَّمَا رَحَلَ نَزَلُوا، حَتَّى سَاقَهُ الْخَوْفُ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى جُرْجَانَ فَأُخْرِجَ عَنْهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَعَارَضَهُ يَمِينُ الدَّوْلَةِ، فَمَنَعَهُ عَنْ مَقْصِدِهِ، وَأُسِرَ أَخُو سَبَاشِي تِكِينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِهِ، وَنَجَا هُوَ فِي خُفٍّ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَعَبَرَ النَّهْرَ.
وَكَانَ أَيْلَكُ الْخَانُ قَدْ عَبَّرَ أَخَاهُ جَعْفَرَ تِكِينَ إِلَى بَلْخَ لِيَلْفِتَ يَمِينَ الدَّوْلَةِ عَنْ طَلَبِ سَبَاشِي، فَلَمْ يَرْجِعْ، وَجَعَلَ دَأْبَهُ إِخْرَاجَ سَبَاشِي مِنْ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا أَخْرَجَهُ عَنْهَا عَادَ إِلَى بَلْخَ، فَانْهَزَمَ مَنْ كَانَ بِهَا مَعَ جَعْفَرٍ تِكِينَ، وَسُلِّمَتْ خُرَاسَانُ لِيَمِينِ الدَّوْلَةِ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عَسْكَرِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ وَالْأَكْرَادِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ عَسْكَرًا إِلَى الْبَنْدَنِيجِينِ، وَجَعَلَ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِمْ قَائِدًا كَبِيرًا مِنَ الدَّيْلَمِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهَا سَارَ إِلَيْهِمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَكْرَادِ، فَاقْتَتَلُوا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute