الْأَهْوَازِ وَقَدْ صَالَحَ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ مِنْ جَيٍّ وَدَخَلُوا فِي الذِّمَّةِ إِلَّا ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ لَحِقُوا بِكَرْمَانَ. وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو مُوسَى جَيًّا، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ. فَقَدِمَ كِتَابُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ: أَنْ سِرْ حَتَّى تَقْدُمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ عَدِيٍّ فَتَكُونَ مَعَهُ عَلَى قِتَالِ مَنْ بِكَرْمَانَ، فَسَارَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى أَصْبَهَانَ السَّائِبَ بْنَ الْأَقْرَعِ، وَلَحِقَ بِسُهَيْلٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى كَرْمَانَ.
قِيلَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ الْأَمِيرَ كَانَ عَلَى الْجُنْدِ الَّذِينَ فَتَحُوا أَصْبَهَانَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَأَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَصْبَهَانَ وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يُمِدُّوهُ، فَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَبِهَا مَلِكُهَا ذُو الْحَاجِبَيْنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ وَعَادَ مِنْ عِنْدِهِ فَقَاتَلَهُمْ، وَقُتِلَ النُّعْمَانُ وَوَقَعَ ذُو الْحَاجِبَيْنِ عَنْ دَابَّتِهِ فَانْشَقَّتْ بَطْنُهُ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ. قَالَ مَعْقِلٌ: فَأَتَيْتُ النُّعْمَانَ وَهُوَ صَرِيعٌ فَجَعَلْتُ عَلَيْهِ عَلَمًا. فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ أَتَيْتُهُ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَغَسَلْتُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ فَقَالَ: مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ فَقُلْتُ: فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ! وَمَاتَ.
هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ النُّعْمَانَ قُتِلَ بِنَهَاوَنْدَ وَافْتَتَحَ أَبُو مُوسَى قُمَّ وَقَاشَانَ.
ذكر وِلَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى الْكُوفَةِ
وَفِيهَا وَلَّى عُمَرُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الْكُوفَةِ، وَابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. فَشَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ عَمَّارًا، فَاسْتَعْفَى عَمَّارٌ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَوَلَّى عُمَرُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ الْكُوفَةَ، وَقَالَ لَهُ: لَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ. فَسَمِعَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّ عُمَرَ خَلَا بِجُبَيْرٍ، فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ إِلَى امْرَأَةِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ لِتَعْرِضَ عَلَيْهَا طَعَامَ السَّفَرِ، فَفَعَلَتْ، فَقَالَتْ: نِعْمَ مَا حَيَّيْتِنِي بِهِ. فَلَمَّا عَلِمَ الْمُغِيرَةُ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَنْ وَلَّيْتَ! وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَعَزَلَهُ وَوَلَّى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ الْكُوفَةَ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ عُمَرُ. وَقِيلَ: إِنَّ عَمَّارًا عُزِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَوَلِيَ بَعْدَهُ أَبُو مُوسَى. وَسَيَرِدُ ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute