وَإِنِّي لَيَدْعُونِي النَّدَى فَأُجِيبُهُ ... وَأَضْرِبُ بَيْضَ الْعَارِضِ الْمُتَوَقِّدِ
فَلَا تَعْجَلَنْ يَا قَيْسُ وَارْبِعْ فَإِنَّمَا ... قُصَارَاكَ أَنْ تُلْقَى بِكُلِّ مُهَنَّدِ
حُسَامٌ وَأَرْمَاحٌ بِأَيْدِي أَعِزَّةٍ ... مَتَى تَرَهُمْ يَا ابْنَ الْخَطِيمِ تَلَبَّدِ
أُسُودٌ لَدَى الْأَشْبَالِ يَحْمِي عَرِينُهَا ... مَدَاعِيسُ بِالْخَطِّيِّ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
وَهِيَ أَبْيَاتٌ كَثِيرَةٌ. فَأَجَابَهُ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
تَرُوحُ عَنِ الْحَسْنَاءِ أَمْ أَنْتَ مُغْتَدِي ... وَكَيْفَ انْطِلَاقُ عَاشِقٍ لَمْ يُزَوَّدِ
تَرَاءَتْ لَنَا يَوْمَ الرَّحِيلِ بِمُقْلَتَيْ ... شَرِيدٍ بِمُلْتَفٍّ مِنَ السِّدْرِ مُفْرَدِ
وَجِيدٍ كَجِيدِ الرِّيمِ حَالٍ يُزِينُهُ ... عَلَى النَّحْرِ يَاقُوتٌ وَفَصُّ زَبَرْجَدِ
كَأَنَّ الثُّرَيَّا فَوْقَ ثُغْرَةِ نَحْرِهَا ... تَوَقَّدُ فِي الظَّلْمَاءِ أَيَّ تَوَقُّدِ
أَلَا إِنَّ بَيْنَ الشَّرْعَبِيِّ وَرَاتِجٍ ... ضِرَابًا كَتَجْذِيمِ السَّيَالِ الْمُصَعِّدِ
لَنَا حَائِطَانِ الْمَوْتُ أَسْفَلُ مِنْهُمَا ... وَجَمْعٌ مَتَى تَصْرُخْ بِيَثْرِبَ يَصْعَدِ
تَرَى اللَّابَةَ السَّوْدَاءَ يَحْمَرُّ لَوْنُهَا ... وَيَسْهُلُ مِنْهَا كُلُّ رَبْعٍ وَفَدْفَدِ
فَإِنِّي لَأَغْنَى النَّاسِ عَنْ مُتَكَلِّفٍ ... يَرَى النَّاسَ ضُلَّالًا وَلَيْسَ بِمُهْتَدِ
لَسَاءَ عَمْرًا ثَوْرًا شَقِيًّا مُوَعَّظًا ... أَلَدَّ كَأَنَّ رَأْسَهُ رَأْسُ أَصْيَدِ
كَثِيرِ الْمُنَى بِالزَّادِ لَا صَبْرَ عِنْدَهُ ... إِذَا جَاعَ يَوْمًا يَشْتَكِيهِ ضُحَى الْغَدِ
وَذِي شِيمَةٍ عَسْرَاءَ خَالَفَ شِيمَتِي ... فَقُلْتُ لَهُ دَعْنِي وَنَفْسَكَ أَرْشَدِ
فَمَا الْمَالُ وَالْأَخْلَاقُ إِلَّا مُعَارَةٌ ... فَمَا اسْطَعْتَ مِنْ مَعْرُوفِهَا فَتَزَوَّدِ
مَتَّى مَا تَقُدْ بِالْبَاطِلِ الْحَقَّ يَأْبَهُ ... فَإِنْ قُدْتَ بِالْحَقِّ الرَّوَاسِيَ تَنْقَدِ
إِذَا مَا أَتَيْتَ الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ بَابِهِ ... ضَلَلْتَ وَإِنْ تَدْخُلْ مِنَ الْبَابِ تَهْتَدِ
وَهِيَ طَوِيلَةٌ.