وَفِيهَا سَيَّرَ الْمُسْتَعِينُ إِلَى وَاسِطَ، وَاسْتَوْزَرَ الْمُعْتَزُّ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَرَجَعَ أَبُو أَحْمَدَ إِلَى سَامَرَّا لِاثْنَتَيْ عَشْرَةً خَلَتْ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي خَلْعِ الْمُسْتَعِينِ:
خُلِعَ الْخَلِيفَةُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ... وَسَيُقْتَلُ التَّالِي لَهُ أَوْ يُخْلَعُ
وَيَزُولُ مُلْكُ بَنِي أَبِيهِ وَلَا يُرَى ... أَحَدٌ تَمَلَّكَ مِنْهُمْ يَسْتَمْتِعُ
إِيهًا بَنِي الْعَبَّاسِ إِنَّ سَبِيلَكُمْ ... فِي قَتْلِ أَعْبُدِكُمْ سَبِيلٌ مَهْيَعُ
رَقَّعْتُمُ دُنْيَاكُمْ فَتَمَزَّقَتْ ... بِكُمُ الْحَيَاةُ تَمَزُّقًا لَا يُرْقَعُ
وَقَالَ الشُّعَرَاءُ فِي خَلْعِهِ كَالْبُحْتُرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ وَغَيْرِهِمَا فَأَكْثَرُوا.
وَفِيهَا لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ انْصَرَفَ أَبُو السَّاجِ دُيودَادُ بْنُ دُيودُسْتَ إِلَى بَغْدَادَ، فَقَلَّدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِنَ مَا سَقَى الْفُرَاتُ مِنَ السَّوَادِ، فَسَيَّرَ نُوَّابَهُ إِلَيْهَا لِطَرْدِ الْأَتْرَاكِ وَالْمَغَارِبَةِ عَنْهَا، ثُمَّ سَارَ أَبُو السَّاجِ إِلَى الْكُوفَةِ.
ذِكْرُ حَالِ وَصِيفٍ وَبُغَا
وَفِيهَا كَتَبَ الْمُعْتَزُّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي إِسْقَاطِ اسْمِ وَصِيفٍ وَبُغَا وَمَنْ مَعَهُمَا مِنَ الدَّوَاوِينِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، وَهُوَ أَحَدُ قُوَّادِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَدْ وَعَدَ أَبَا أَحْمَدَ أَنْ يَقْتُلَ بُغَا وَوَصِيفًا، فَعَقَدَ لَهُ الْمُعْتَزُّ عَلَى الْيَمَامَةِ، وَالْبَحْرِينِ، وَالْبَصْرَةِ، فَكَتَبَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ بُغَا وَوَصِيفٍ إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ، وَحَذَّرُوهُمَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَرَكِبَا إِلَى مُحَمَّدٍ، وَعَرَّفَاهُ مَا ضَمِنَهُ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ مِنْ قَتْلِهِمَا، وَقَالَ بُغَا، إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ غَدَرُوا، وَخَالَفُوا مَا فَارَقُونَا عَلَيْهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُونَا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ.
فَكَفَّهُ وَصِيفٌ وَقَالَ: نَحْنُ فِي بُيُوتِنَا حَتَّى يَجِيءَ مَنْ يَقْتُلُنَا! وَرَجَعَا إِلَى مَنْزِلِهِمَا، وَجَمَعَا جُنْدَهَمَا، وَوَجَّهَ وَصِيفٌ أُخْتَهُ سُعَادَ إِلَى الْمُؤَيَّدِ، وَكَانَ فِي حِجْرِهَا، فَكَلَّمَ الْمُؤَيِّدُ الْمُعْتَزَّ فِي الرِّضَاءِ عَنْهُ، فَرَضِيَ عَنْ وَصِيفٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، وَتَكَلَّمَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ فِي بُغَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالرِّضَاءِ عَنْهُ، وَهُمَا بِبَغْدَاذَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ الْأَتْرَاكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute