بِإِحْضَارِهِمَا إِلَى سَامَرَّا، فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ لِيَمْنَعَهُمَا مِنْ ذَلِكَ، فَأَتَاهُمَا كِتَابُ إِحْضَارِهِمَا، فَأَرْسَلَاهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَسْتَأْذِنَانِهِ، وَخَرَجَ وَصِيفٌ وَبُغَا وَفُرْسَانُهُمَا وَأَوْلَادُهُمَا فِي نَحْوِ أَرْبَعِ مِائَةِ إِنْسَانٍ، وَخَلَّفَا الثِّقْلَ وَالْعِيَالَ، فَوَجَّهَ ابْنُ طَاهِرٍ إِلَى بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ مَنْ يَمْنَعُهُمْ، فَمَضَوْا إِلَى بَابِ خُرَاسَانَ، وَخَرَجُوا مِنْهُ، وَوَصَلَا سَامَرَّا، وَرَجَعَا إِلَى مَنْزِلِهِمَا مِنَ الْخِدْمَةِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمَا، وَعَقَدَ لَهُمَا عَلَى أَعْمَالِهِمَا، وَرَدَّ الْبَرِيدَ إِلَى مُوسَى بْنِ بُغَا الْكَبِيرِ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ جُنْدِ بَغْدَادَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ جُنْدِ بَغْدَادَ وَأَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّاكِرِيَّةَ وَأَصْحَابَ الْفُرُوضِ اجْتَمَعُوا إِلَى دَارِ مُحَمَّدٍ يَطْلُبُونَ أَرْزَاقَهُمْ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِطْلَاقِ أَرْزَاقِكُمْ، فَكَتَبَ فِي الْجَوَابِ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْجُنْدَ لِنَفْسِكَ فَأَعْطِهِمْ أَرْزَاقَهُمْ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُهُمْ لَنَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ، فَشَغَبُوا عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ لَهُمْ أَلْفَيْ دِينَارٍ، فَفُرِّقَتْ فِيهِمْ، فَسَكَتُوا.
ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي رَمَضَانَ أَيْضًا، وَمَعَهُمُ الْأَعْلَامُ وَالطُّبُولُ، وَضَرَبُوا الْخِيَامَ عَلَى بَابِ حَرْبٍ، وَعَلَى بَابٍ الشَّمَّاسِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَبَنَوْا بُيُوتًا مِنْ بِوَارِيَّ وَقَصَبٍ، وَبَاتُوا لَيْلَتَهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا كَثُرَ جَمْعُهُمْ، وَأَحْضَرَ مُحَمَّدٌ أَصْحَابَهُ، فَبَاتُوا فِي دَارِهِ، وَشَحَنَ دَارَهُ بِالرِّجَالِ، وَاجْتَمَعَ إِلَى أُولَئِكَ (الْمِشْغَبِينَ) خَلْقٌ كَثِيرٌ، بِبَابِ حَرْبٍ، بِالسِّلَاحِ وَالْأَعْلَامِ وَالطُّبُولِ، وَرَئِيسُهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُونُ بْنُ الْمُوَفَّقِ، وَكَانَ مِنْ نُوَّابِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ، فَحَثَّهُمْ عَلَى طَلَبِ أَرْزَاقِهِمْ وَفَائِتِهِمْ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ أَرَادُوا أَنْ يَمْنَعُوا الْخَطِيبَ مِنَ الدُّعَاءِ لِلْمُعْتَزِّ، فَعَلِمَ الْخَطِيبُ (بِذَلِكَ) ، فَاعْتَذَرَ بِمَرَضٍ لَحِقَهُ، وَلَمْ يَخْطُبْ، فَمَضَوْا يُرِيدُونَ الْجِسْرَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمُ ابْنُ طَاهِرٍ عِدَّةً مِنْ قُوَّادِهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُرْسَانِ وَالرِّجَالِ، فَاقْتَتَلُوا، فَقَتَلَ بَيْنَهُمْ قَتْلَى، وَدَفَعُوا أَصْحَابَ ابْنِ طَاهِرٍ عَنِ الْجِسْرِ، فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ أَنَّ أَصْحَابَهُمْ أَزَالُوا أَصْحَابَ ابْنِ طَاهِرٍ (عَنِ الْجِسْرِ) حَمَلُوا يُرِيدُونَ الْعُبُورَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ، وَكَانَ ابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute