طَاهِرٍ قَدْ أَعَدَّ سَفِينَةً فِيهَا شَوْكٌ وَقَصَبٌ، فَأَلْقَى فِيهَا النَّارَ، وَأَرْسَلَهَا إِلَى الْجِسْرِ الْأَعْلَى فَأَحْرَقَتْ سُفُنَهُ، وَقَطَّعَتْهُ، وَصَارَتْ إِلَى الْجِسْرِ الْآخَرِ، فَأَدْرَكَهَا أَهْلُ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَغَرَّقُوهَا، وَعَبَرَ مَنْ [فِي] الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ إِلَى الْغَرْبِيِّ، وَدَفَعُوا أَصْحَابَ ابْنِ طَاهِرٍ إِلَى بَابِ دَارِهِ، وَقُتِلَ بَيْنَهُمْ نَحْوُ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، وَنَهَبَ الْعَامَّةُ مَجْلِسَ الشُّرْطِ، وَأَخَذُوا مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ أَصْنَافِ الْمَتَاعِ.
وَلَمَّا رَأَى ابْنُ طَاهِرٍ أَنَّ الْجُنْدَ قَدْ ظَهَرُوا عَلَى أَصْحَابِهِ أَمَرَ بِالْحَوَانِيتِ الَّتِي عَلَى بَابِ الْجِسْرِ أَنْ تُحْرَقَ، فَاحْتَرَقَ لِلتُّجَّارِ مَتَاعٌ كَثِيرٌ، فَحَالَتِ النَّارُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَرَجَعَ الْجُنْدُ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ بِبَابِ حَرْبٍ، وَجَمَعَ ابْنُ طَاهِرٍ عَامَّةَ أَصْحَابِهِ، وَعَبَّأَهُمْ تَعْبِئَةَ الْحَرْبِ خَوْفًا مِنْ رَجْعَةِ الْجُنْدِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَوْدَةٌ، فَأَتَاهُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ رَجُلَانِ مِنَ الْجُنْدِ، فَدَلَّاهُ عَلَى عَوْرَةِ الْقَوْمِ، فَأَمَرَ لَهُمَا بِمِائَتَيْ دِينَارٍ، وَأَمَرَ الشَّاهَ بْنَ مِيكَالٍ وَغَيْرَهُ مِنَ الْقُوَّادِ فِي جَمَاعَةٍ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، فَسَارَ إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ، وَابْنُ الْخَلِيلِ، وَهُمَا الْمُقَدَّمَانِ عَلَى الْجُنْدِ، قَدْ خَافَا بِمُضِيِّ ذَيْنَكَ الرَّجُلَيْنِ، (وَقَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُمَا) ، فَسَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى نَاحِيَةٍ.
وَأَمَّا ابْنُ الْخَلِيلِ فَإِنَّهُ لَقِيَ الشَّاهَ بْنَ مِيكَالَ وَمَنْ مَعَهُ، فَصَاحَ بِهِمْ، وَصَاحَ بِهِ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، وَصَارَ فِي وَسَطِهِمْ، فَقُتِلَ، وَأَمَّا أَبُو الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ اخْتَفَى، فَدُلَّ عَلَيْهِ فَأُخِذَ وَحُمِلَ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ، وَتَفَرَّقَ الْجُنْدُ مِنْ بَابِ حَرْبٍ، وَرَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَقُيِّدَ أَبُو الْقَاسِمِ وَضُرِبَ ضَرْبًا مُبَرِّحًا، فَمَاتَ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ.
ذِكْرُ خَلْعِ الْمُؤَيَّدِ وَمَوْتِهِ
فِي رَجَبٍ خَلَعَ الْمُعْتَزُّ أَخَاهُ الْمُؤَيَّدَ مِنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَهُ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ أَحْمَدَ، عَامِلَ أَرْمِينِيَّةَ، بَعَثَ إِلَى الْمُؤَيَّدِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ لِيُصْلِحَ بِهَا أَمْرَهُ، فَبَعَثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute